في ذلك أن الوفود بعد فتح مكة كثروا، وكثر سؤالهم عن الأحكام، فكثر النزول

بسبب ذلك، قال الحافظ رحمه الله: ووقع لي سبب تحديث أنس - رضي الله عنه - بذلك من رواية

الدراورديّ، عن الإماميّ (?) عن الزهريّ: "سألت أنس بن مالك، هل فتر الوحي

عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يموت؟ ، قال: أكثر ما كان، وأجمه". أورده ابن يونس في

"تاريخ مصر" في ترجمة محمد بن سعيد بن أبي مريم. انتهى (?).

(حتَّى تُوُفِّيَ) بالبناء للمفعول؛ أي: مات النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية البخاريّ:

"حتى توفاه أكثر ما كان الوحي"؛ أي: الزمان الذي وقعت فيه وفاته كان نزول

الوحي فيه أكثر من غيره من الأزمنة. (وَأَكثَرُ مَا كَانَ الْوَحْيُ يَوْمَ تُوُفِّيَ

رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) فيه إظهار ما تضمنته الغاية في قوله "حتى توفي"، وهذا الذي

وقع أخيرًا على خلاف ما وقع أولًا، فإن الوحي في أول البعثة فتر فترة، ثم

كثر، وفي أثناء النزول بمكة لم ينزل من السُّوَر الطوال إلا القليل، ثم بعد

الهجرة نزلت السور الطوال المشتملة على غالب الأحكام، إلا أنه كان الزمن

الأخير من الحياة النبوية أكثر الأزمنة نزولًا بالسبب المتقدم، والله تعالى أعلم.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [1/ 7485] (3016)، و (البخاريّ) في "فضائل

القرآن" (4982)، و (النسائيّ) في "فضائل القرآن" (8)، و (أحمد) في "مسنده"

(3/ 236)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (44)، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوَّل الكتاب قال:

[7486] (3017) - (حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبِ، وَمُحَمَّدُ بْن

الْمُثَنَّى- وَاللَّفْظُ لِابْنِ- الْمُثَنَّى- قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ- وَهُوَ ابْنُ مَهْدِيٍّ -

حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْس بْنِ مُسْلِم، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابِ، أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا لِعُمَرَ:

إِنَّكمْ تَقْرَؤُونَ آيَةً لَوْ أُنْزِلَتْ فِينَا لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي لأَعْلَمُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015