(قَالَ: نَعَمْ) فيها لبن، (قُلْتُ: أَفتَحْلُبُ لِي؟ ) بضم اللام، ويجوز كسرها،
علر، ما في "القاموس"، والمعنى: أفتحلبها لي؟ (?).
وقال في "الفتح": قوله: "أفتحلب. . . إلخ" الظاهر أن مراده بهذا
الاستفهام: أمعك إذن في الحلب لمن يمر بك على سبيل الضيافة؟ وبهذا
التقرير يندفع الإشكال، وهو كيف استجاز أبو بكر أخذ اللبن من الراعي بغير
إذذ مالك الغنم؟ وَيحْتَمِل أن يكون أبو بكر لمّا عرفه عرف رضاه بذلك،
بصداقته له، أو إذنه العام لذلك. انتهى (?).
وقال النوويّ رحمه الله: وهذا الحديث مما يُسأل عنه، فيقال: كيف شربوا
اللبن من الغلام، وليس هو مالكه؟ وجوابه من أوجه:
أحدها: أنه محمول على عادة العرب، أنهم يأذنون للرعاة إذا مر بهم
ضيف، أو عابر سبيل أن يسقوه اللبن ونحوه.
والثانى: أنه كان لصديق لهم، يُدْلون عليه، وهذا جائز.
والثالث: أنه مال حربيّ، لا أمان له، ومثل هذا جائز.
والرابع: لعلهم كانوا مضطرين، والجوابان الأولان أجود. انتهى (?).
(قَالَ: نَعَمْ) أحلب لك، (فَأَخَذَ شَاةً، فَقُلْتُ لَهُ: انْفُضِ الضَّرْعَ)، أي:
ثدي الشاة، وفي رواية إسرائيل: "وأمرته، فاعتقل شاة"؛ أي: وضع رجلها بين
فخذيه، أو ساقيه يمنعها من الحركة، (مِنَ الشَّعَرِ، وَالتُّرَابِ، وَالْقَذَى) بفتحتين؛
أي: الوسخ، وقال في "العمدة": القذى بفتح القاف، وفتح الذال المعجمة،
مقصورًا هو الذي يقع في العين، يقال: قذت عينه: إذا وقع فيها القذى؛ كأنه
شبّه ما يصير في الضرع من الأوساخ بالقذى في العين. انتهى (?).
(قَالَ) أبو إسحاق: (فَرَأَيْتُ الْبَرَاءَ) - رضي الله عنه - (يَضْرِبُ بِيَدِهِ عَلَى الأُخْرَى) حال
كونه (يَنْفُضُ) الضرع؛ أي: إنما فعل ذلك، ليريهم كيفيّة النفض، (فَحَلَبَ لِي)
وفي رواية للبخاريّ: "فأخذت قدحًا، فحلبت"، ويُجمع بأنه تجوّز في قوله:
"فحلبت"، ومراده: أمرت بالحلب، (فِي قَعْبٍ مَعَهُ) بفتح القاف، وسكون