أنت حالب؟ فقال: نعم"، وهذا أشار بأنه غير حالب، وذاك حلب من شاة
حافل، وهذا من شاة لم تُطرَق، ولم تَحْمِل، ثم إن في بقية هذا الحديث ما
يدل على أن قصته كانت قبل الهجرة، لقوله فيه: "ثم أتيته بعد هذا، فقلت:
يا رسول الله علّمني من هذا القول"، فإن هذا يُشعر بأنها كانت قبل إسلام ابن
مسعود، وإسلام ابن مسعود كان قديمًا قبل الهجرة بزمان، فبطل أن يكون هو
صاحب القصة في الهجرة، والله أعلم. انتهى (?).
(مُقْبِلٍ) بالجرّ صفة "راع"، ومعناه: جاء من قِبَلنا، ومن جهة قُدّامنا
(بِغَنَمِهِ إِلَىَ الصَّخْرَةِ، يُرِيدُ مِنْهَا)؛ أي: من الصخرة (الَّذِي أَرَدْنَا)؛ أي: المكان
الذي قصدناه، وهو الظلّ، (فَلَقِيتُهُ) بكسر القاف، (فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ؟
فَقَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) هكذا في رواية مسلم، وفي رواية البخاريّ:
"لرجل من أهل المدينة، أو مكة"، قال الحافظ: هو شك من الراوي أيّ
اللفظين قال، وكأن الشك من أحمد بن يزيد، فإن مسلمًا أخرجه من طريق
الحسن بن محمد بن أعين، عن زهير، فقال فيه: "لرجل من أهل المدينة"،
ولم يشك، ووقع في رواية خَديج: "فسمى رجلًا من أهل مكة" ولم يشك،
والمراد بالمدينة: مكة، ولم يُرِدْ بالمدينة النبوية؛ لأنها حينئذ لم تكن تسمى
المدينة، وإنما كان يقال لها: يثرب، وأيضًا فلم تَجْرِ العادة للرعاة أن يبعدوا
في المراعي هذه المسافة البعيدة.
ووقع في رواية إسرائيل: "فقال: لرجل من قريش، سمّاه، فعرفته"، وهذا
يؤيد ما قررته؛ لأن قريشًا لم يكونوا يسكنون المدينة النبوية إذ ذاك. انتهى.
(قُلْتُ: أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ؟ ) بفتح اللام، والباء، يعني اللبن المعروف، هذه الرواية
المشهورة، وروى بعضهم: لُبْنٌ بضم اللام، وإسكان الباء، أي: شياه وذوات ألبان (?).
وقال في "العمدة": "لبن" بفتح اللام، والباء الموحدة، وحَكَى عياض أن
في رواية "لُبَّن" بضم اللام، وتشديد الباء الموحدة، جمع لابن؛ أي: هل في
غنمك ذوات لبن. انتهى (?).