العين؛ أي: في قدح من خشب مُقَعّر. (كثْبَةً مِنْ لَبَنٍ) بضم الكاف، وسكون

المثلثة، وفتح الموحدة؛ أي: قدر قدح، وقيل: حَلبة خفيفة، ويطلق على

القليل من الماء واللبن، وعلى الجرعة تبقى في الإناء، وعلى القليل من الطعام

والشراب، وغيرهما، من كل مجتمع (?). (قَالَ: وَمَعِي إِدَاوَةٌ) بكسر الهمزة،

وهي ما يُعمل من جلد، يستصحبه المسافر، (أَرْتَوِي فِيهَا لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -) قال

التوربشتيّ: رويت من الماء بالكسر، وارتويت، وترويت كلها بمعنى، قال

الطيبيّ: فعلى هذا ينبغي أن يقال: يرتوي منها، لا فيها، قال القاري: "في"

تأتي بمعنى "من"، أو التقدير: يرتوي من الماء فيها، وقال النوويّ: معنى

"يرتوي فيها": جعل القدح آلة للريّ، والسقي، ومنه الراوية للإبل التي يُستقى

عليها الماء. انتهى، فعلى هذا يكون "في" بمعنى الباء. انتهى (?).

(لِيَشْرَبَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (مِنْهَا)؛ أي: من تلك الإداوة (وَيَتَوَضَّأَ) منها، وقال

القاري: قوله: "يشرب، ويتوضأ" مستأنفان للبيان، والجملة أعني قوله:

"ومعي. . . إلخ" حالية معترضة بين قوله: "فحلمب" وقوله: "فأتيت النبيّ".

(قَالَ) أبو بكر - رضي الله عنه -: (فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -)؛ أي: باللبن، (وَكَرِهْتُ أَنْ أُوقظَهُ)؛

أي: أنبّهه، (مِنْ نَوْمِهِ) لاحتمال أن يكون يوحى إليه، فأقطعه عليه، لكنه قد

استيقظ قبل أن يأتي أبو بكر، كما بيّنه بقوله: (فَوَافَقْتُهُ اسْتَيْقَظَ، فَصَبَبْتُ عَلَى

اللَّبَنِ مِنَ الْمَاءِ، حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ) كناية عن كثرة الماء، (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ

اشْرَبْ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ، قَالَ: فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ)، أي: طاب خاطري، (ثمَّ

قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("ألَمْ 5 يَأْنِ لِلرَّحِيلِ؟ ") من أنى يأني: إذا دخل وقت الشيء،

والمعنى: ألم يدخل وقت الرحيل؟ قال القاري: كذا قاله بعضهم، والأظهر في

المعنى: ألم يأت وقت التحوّل للرحيل؟ وهو السير إلى الموضع المقصود،

فيطابق قوله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: 16]، قال أبو بكر: (قُلْثُ: بَلَى) أن وقت الرحيل، (قَالَ) أبو بكر: (فَارْتَحَلْنَا

بَعْدَمَا زَالَتِ الشَّمْسُ)؛ أي: من وسط السماء، وحصل برد الهواء، (وَاتَّبَعَنَا

سُرَاقَةُ) بضم السين، (ابْنُ مَالِكِ) بن جُعشم الْمُدْلِجيّ الكنانيّ، كان ينزل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015