عن أعين الناس (بِإِذْنِ اللهِ"، فَالْتَأَمَتَا)؛ أي: التصقتا (قَالَ جَابِرٌ) - رضي الله عنه -:

(فَخَرَجْتُ) من ذلك المكان (أُحْضِرُ) بضم أوله؛ أي: حال كوني مسرعًا في

ذهابي، رقال النوويّ: "أحضر" هو بضم الهمزة، وإسكان الحاء، وكسر الضاد

المعجمة، أي: أعدو، وأسعى سعيًا شديدًا.

(مَخَافَةَ أَنْ يُحِسَّ) بضمّ أوله؛ أي: يعلم (رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِقُرْبِي) منه

(فَيَبْتَعِدَ)؛ أي: يذهب من ذلك المكان الذي أحسّ بحضوري فيه إلى مكان آخر

طلبًا للبعد عن الناس. (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ) شيخ المصنّف الثاني في هذا

الحديث؛ أي: قال في روايته: (فَيَتَبَعَّدَ) مصدر تبعّد؛ كتعلّم؛ أي: قال بدل

قول هاررن بن معروف: "فيبتعد" من الابتعاد، قال: يتبعّد، من التبعّد، ولا

اختلاف في المعنى. (فَجَلَسْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي)؛ أي: تعجّبًا مما رأيت من

معجزة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في هاتين الشجرتين، (فَحَانَتْ)؛ أي: وقعت (مِنِّي لَفْتَةٌ)

اللفتة: النظرة إلى جانب، وهي بفتح اللام، ووقع لبعض الرواة: "فحالت"

باللام، والمشهور بالنون، وهما بمعنى، فالحين، والحال: الوقت؛ أي:

وقعت، واتفقت، وكانت، (فَإِذَا أنَا بِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) "إذا" هي الفجائيّة؛ أي:

ففجأني رؤية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حال كونه (مُقْبِلًا) إليّ بعد قضاء حاجته، (وَإِذَا

الشَّجَرَتَانِ قَدِ افْتَرَقَتَا)؛ أي: وفاجأني أيضًا افتراق الشجرتين، (فَقَامَتْ كُلُّ

وَاحِدَةٍ مِنْفمَا عَلَى سَاقٍ)؛ أي: على أصلها.

و-اصل الكلام أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يريد التستّر لقضاء حاجته بما تيسّر له،

وما كان تيسّر له ذلك بشجرة واحدة، فأمر الشجرتين حتى انتقلتا إلى مكان

متوسّط بينهما، ثم أمرهما، فالتأمتا بحيث صارا كشجرة واحدة، فتستّر بهما،

وقضى حاجته، ثم عادت الشجرتان إلى هيئتهما المستقلّة، ورجعت كلّ واحدة

منهما إلى مكانها، وهي معجزة من معجزات النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (?).

قال جابر - رضي الله عنه -: (فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَفَ وَقْفَةً) يسيرة، وإنما وقف

لِمَا سيأتي، أنه شعر بأن هناك قبرين يعذّبان، فأراد لشدّة رأفته أن يشفع لهما،

(فَقَالَ)، أي: أشار - صلى الله عليه وسلم - (بِرَأْسِهِ هَكَذَا) قال المصنّف نقلًا عن شيخيه: (وَأَشَارَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015