أي: واسعًا، وشاطئ الوادي جانبه، (فَذَهَبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) حال كونه (يَقْضِي
حَاجَتَهُ)؛ أي: مريدًا قضاء حاجته (فاتَّبَعْتُهُ) بتشديد التاء الأولى، من الاتباع،
(بِإِدَاوَةٍ) بكسر الهمزة؛ أي: مِطهرة مملوءة (مِنْ مَاءٍ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) إلى
الجهات لعله يجد ما يستتر به، (فَلَمْ يَرَ شَيْئًا يَسْتَتِرُ بِهِ، ) عن أعين الناس، (فَإِذَا)
هى الفجائيّهّ؛ أي: فاجأه (شَجَرَتَانِ)؛ أي: وجودهما (بِشَاطِئِ الْوَادِي)؛ أي:
جانبه، (فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى إِحْدَاهُمَا)؛ أي: إحدى الشجرتين، (فَأَخَذَ
بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا) قال المجد: الْغُصن- أي: بضمّ، فسكون-: ما تشعّب
من ساق الشجر دِقاقُها، وغِلاظها، والصغيرة بِهاء، جمعه غُصُونٌ، وغِصَنَةٌ،
وأغصان. انتهى (?). (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - للشجرة: ("انْقَادِي عَلَيَّ)؛ أي: أطيعيني فيما
أريده منك (بِإِذْنِ اللهِ") تعالى (فَانْقَادَتْ) الشجرة (مَعَهُ) - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: أطاعته فيما
أراد: منها، (كَالْبَعِيرِ الْمَخْشُوشِ) بالخاء، والشين المعجمتين، وهو الذي يُجعل
في أنفه خِشاش بكسر الخاء، وهو عُود يُجعل في أنف البعير إذا كان صَعْبًا،
ويُشدّ فيه حبل؛ ليذِلّ، وينقاد، وقد يتمانع لصعوبته، فإذا اشتد عليه، وآلمه
انقاد شيئًا، ولهذا قال: (الَّذِي يُصَانِعُ قَائِدَهُ)؛ أي: يطيعه، وينقاد له، وهذه من
المعجزات الظاهرات لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (حَتَّى أَتَى الشَّجَرَةَ الأُخْرَى، فَأَخَذَ بِغُصْنِ
مِنْ أَغْصَانِهَا، فَقَالَ: "انْقَادِي عَلَيَّ بِإِذْنِ اللهِ"، فَانْقَادَتْ) الشجرة الأخرى (مَعَهُ) - صلى الله عليه وسلم -
(كَذَلِكَ)؛ أي: كما انقادت الأولى له، (حَتَّى إِذَا كَانَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (بِالْمَنْصَفِ)
بفتح الميم، والصاد، وهو نصف المسافة، وممن صرّح بفتحه الجوهريّ
وآخرون، (مِمَّا بَيْنَهُمَا)؛ أي: من المسافة التى بين الشجرتين، (لأَمَ)؛ أي: ضمّ
النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (بَيْنَهُمَا) ثم فسّره بقوله: (يَعْني جَمَعِّهُمَا) وهذا التفسير مدرج من بعض
الرواة، ولم نعرفه.
وقال النوويّ رحمه الله: قوله: "لأم" بهمزة مقصورة، وممدودة، وكلاهما
صحيح؛ أي: جمع بينهما، ووقع في بعض النسخ: "ألام" بالألف من غير
همزة، قال القاضي وغيره: هو تصحيف.
(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - للشجرتين: ("الْتَئِمَا)؛ أي: التصقا (عَلَيَّ) حتى أستتر بكما