والاحتياط، والاستئذان في مثل هذا، وإن كان يعلم أنهما راضيان، وقد
أُرصدا ذلك له - صلى الله عليه وسلم -، ثم لمن معه.
قال جابر: (قُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ) أذنّا لك، (فَأَشْرَعَ) - صلى الله عليه وسلم - (نَاقَتَهُ) معنى
أشرعها: أرسل رأسها في الماء لتشرب، (فَشَرِبَتْ، شَنَقَ لَهَا)، أي: كفّها عن
الشرب، يقالد: شنقتها، وأشنقتها؛ أي: كففتها بزمامها، وأنت راكبها، وقال
ابن دُريد: هو أن تجذب زمامها حتى تقارب رأسها قادمة الرحل، (فَشَجَتْ)،
أي: فرّجت بين رجليها، وباعدت لتبول، قال النوويّ رحمه الله: "فشجت" بفاء،
وشين معجمة، وجيم مفتوحات الجيم، مخففة، والفاء هنا أصلية، يقال: فشج
البعير: إذا فرّج بين رجليه للبول، وفشّج بتشديد الشين أشدّ من فشج
بالتخفيف، قاله الأزهريّ وغيره.
قال: هذا الذي ذكرناه من ضبطه هو الصحيح الموجود في عامة النسخ،
وهـ والذي ذكره الخطابيّ، والهرويّ، وغيرهما من أهل الغريب، وذكره
الحميديّ في "الجمع بين الصحيحين": فشَجّت بتشديد الجيم، وتكون الفاء
زائدة للعطف، وفسَّره الحميديّ في غريب "الجمع بين الصحيحين" له، قال:
معناه: قطعت الشرب، من قولهم: شججت المفازة: إذا قطعتها بالسير، وقال
القاضي: وقع في رواية العذريّ: "فثجت" بالثاء المثلثة، والجيم، قال: ولا
معنى لهذه الرواية، ولا لرواية الحميديّ، قال: وأنكر بعضهم اجتماع الشين
والجيم، وادّعَى أن صوابه: فشَحَت بالحاء المهملة، من قولهم: شحا فاه: إذا
فتحه، فيكون بمعنى تفاجت، هذا كلام القاضي، قال النوويّ: والصحيح ما
قدمناه عن عامة النسخ، والذي ذكره الحميديّ أيضًا صحيح، والله أعلم.
انتهى (?).
(فَبَالَتْ، ثُمَّ عَدَلَ)؛ أي: مال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (بهَا)؛ أي: بتلك الناقة
(فَأَنَاخَهَا)؛ أي: أبركها لتستريح، (ثُمَّ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْحَوْضِ، فَتَوَضَّأَ
مِنْهُ)، أي: من ذلك الحوض، وفيه دليل على جواز الوضوء من الماء الذي
شربت منه الإبل ونحوها من الحيوان الطاهر، وأنه لا كراهة فيه، وإن كان