الماء دون قلّتين، قال النوويّ: وهكذا مذهبنا. (ثُمَّ قُمْتُ، فَتَوَضَّأْتُ مِنْ مُتَوَضَّإِ)

بصيغة اسم المفعول، والمراد: مكان وضوء (رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) إنما اختار مكانه؛

تبرّكًا بأثره - صلى الله عليه وسلم -، (فَذَهَبَ جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ) حال كونه (يَقْضِي حَاجَتَهُ) من البول

ونحوه، (فَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُصَلِّيَ، وَكَانَتْ عَلَى بُرْدَةٌ)، أي: كساء صغير مربع،

(ذَهَبْتُ)؛ أي: شرعت، وأخذت (أَنْ أُخَالِفَ بَيْنَ طَرَفَيْهَا) لئلا يكون من اشتمال

الصمّاء، (فَلَمْ تَبْلُغْ لِي)؛ أي: فلم تتسع لذلك؛ لِصِغرها، (وَكَانَتْ لَهَا ذَبَاذِبُ)؛

أي: أهداب، وأطراف، واحدها: ذِبْذِب بكسر الذالين، سُمِّيت بذلك؛ لأنها

تتذبذب على صاحبها، إذا مشى، أي: تتحرك، وتضطرب. (فَنَكَّسْتُهَا) بتخفيف

الكاف، وتشديدها؛ أي: قلبتها، فجعلت أعلاها أسفلها، وأسفلها أعلاها، كما

يُفعل في القلب للاستسقاء، (ثُمَّ خَالَفْتُ بَيْنَ طَرَفَيْهَا، ثُمَّ تَوَاقَصْتُ عَلَيْهَا)، أي:

أمسكت عليها بعنقي، وخبنته (?) عليها؛ لئلا تسقط، (ثُمَّ جِئْتُ، حَتَّى قُمْتُ عَنْ

يَسَارِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)، أي: لكونه لا يعرف السنّة في ذلك، وهو أن المأموم إذا

كان واحدًا قام عن يمين الإمام، (فَأَخَذَ) - صلى الله عليه وسلم - (بِيَدِي، فأَدَارَنِي)، أي: حوّلني إلى

الجهة اليمنى، (حَتَّى أقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ) هذا هو السُّنّة في اقتداء المنفرد، (ثُمَّ

جَاءَ) بعد ذلك (جَبَّارُ بْنُ صَخْرٍ) من محلّ قضاء حاجته، (فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَامَ

عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)؛ أي: لكونه أيضًا لا يعرف السُّنّة في هذا، فأعلمه - صلى الله عليه وسلم -

بها، كما قال: (فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدَيْنَا)؛ أي: بيد جابر، وجبار (جَمِيعًا،

فَدَفَعَنَا)؛ أي: ردّنا، وأخّرنا إلى خلفه، (حَتَّى أَقامَنَا خَلْفَهُ) قال النوويّ رحمه الله:

هذا فيه فوائد، منها: جواز العمل اليسير في الصلاة، وأنه لا يكره إذا كان

لحاجة، فإن لم يكن لحاجة كُره، ومنها أن المأموم الواحد يقف على يمين

الإمام، وإن وقف على يساره حوّله الإمام، ومنها أن المأمومَين يكونان صفًّا

وراء الإمام، كما لو كانوا ثلاثة، أو أكثر، هذا مذهب العلماء كافّة، إلا ابن

مسعود، وصاحبيه، فإنهم قالوا: يقف الاثنان عن جانبيه. انتهى (?).

(فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَرْمُقُنِي)؛ أي: ينظر إليّ نظرًا متتابعًا، (وَأنَا لَا

أَشْغرُ) بضمّ العين؛ أي: لا أعلم بنظره إليّ، (ثُمَّ فَطِنْتُ) من بابي فرح، ومنع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015