يسرق، وهو مؤمن"، واسم الإسلام يتناول أيضًا ما هو أصل الإيمان، وهو التصديق الباطن، ويتناول أصل الطاعات، فإن ذلك كله استسلام، قال: فخرج مما ذكرناه، وحققنا أن الإيمان والإسلام، يجتمعان، ويفترقان، وأن كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمنًا، قال: وهذا تحقيق وافر بالتوفيق بين متفرقات نصوص الكتاب والسنّة الواردة في الإيمان والإسلام، التي طالما غَلِط فيها الخائضون، وما حققناه من ذلك موافق لجماهير العلماء من أهل الحديث وغيرهم. هذا آخر كلام الشيخ أبي عمرو بن الصلاح.
فإذا تقرر ما ذكرناه من مذاهب السلف، وأئمة الخلف، فهي متظاهرة، متطابقة على كون الإيمان يزيد وينقص، وهذا مذهب السلف، والمحدثين، وجماعة من المتكلمين، وأنكر أكثر المتكلمين زيادته ونقصانه، وقالوا: متى قبل الزيادة كان شكًّا وكفرًا، قال المحققون من أصحابنا المتكلمين: نفس التصديق لا يزيد ولا ينقص، والإيمان الشرعي يزيد وينقص بزيادة ثمراته، وهي الأعمال ونقصانها، قالوا: وفي هذا توفيق بين ظواهر النصوص التي جاءت بالزيادة، وأقاويل السلف، وبين أصل وضعه في اللغة، وما عليه المتكلمون، وهذا الذي قاله هؤلاء، وان كان ظاهرًا حسنًا، فالأظهر (?) - والله أعلم - أن نفس التصديق يزيد بكثرة النظر، وتظاهر الأدلة، ولهذا يكون إيمان الصديقين، أقوى من إيمان غيرهم، بحيث لا تعتريهم الشُّبَه، ولا يتزلزل إيمانهم بعارض، بل لا تزال قلوبهم منشرحة نَيِّرة، وإن اختلفت عليهم الأحوال، وأما غيرهم من المؤلفة، ومن قاربهم، ونحوهم، فليسوا كذلك، فهذا مما لا يمكن إنكاره، ولا يتشكك عاقل في أن نفس تصديق أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - لا يساويه تصديق آحاد الناس، ولهذا قال البخاري في "صحيحه": قال ابن أبي مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما منهم أحد يقول: إنه على إيمان جبريل وميكائيل، والله أعلم.