مِسْكِينٌ، وَابْنُ سَبيلٍ، انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلَا بَلَاغَ لِيَ الْيَوْمَ، إِلَّا
بِاللهِ، ثُمَّ بكَ، أَسْألكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ شَاةً، أتبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي، فَقَالَ:
قَدْ كُنْتُ أَعْمَى، فَرَدَّ اللهُ إِليَ بَصَرِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ، وَدَعْ مَا شِئْتَ، فَوَاللهِ لَا
أَجْهَدُكَ اليَوْمَ شَيْئاً أَخَذْتَهُ للهِ، فَقَالَ: أَمْسِكْ مَالَكَ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رُضِيَ عَنْكَ،
وَسُخِطَ على صَاحِبَيْكَ").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرَةَ) الأنصاريّ النجاريّ، واسم أبي عمرهّ عمرو بن
محصن، وقيل: غيره، يقال: وُلد في عهد النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثقة، وقال ابن أبي حاتم:
ليست له صحبة، من كبار [3] (ع) تقدم في "المساجد ومواضع الصلاة" 47/ 1492.
والباقون تقدّموا قريبًا، و "همّام" هو: ابن يحيى الْعَوْذيّ البصريّ.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من خماسيّات المصنّف -رَحِمَهُ الله-، وأنَّه مسلسل بالمدنيين من إسحاق،
والباقيان بصريّان، ومسلسل بالتحديث من أوله إلى آخره، وفيه رواية تابعيّ عن
تابعيّ، وفيه أبو هريرة - رضي الله عنه - رأس المكثرين السبعة.
شرح الحديث:
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ؛ (أَنَّ أبا هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (حَدَّثَهُ، أنَّهُ سَمِعَ
النبي - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنَّ ثَلَاثةً)؛ أي: ثلاثة أشخاص، وقوله: (في بَنِي إِسْرَائِيلَ)
صفة لـ "ثلاثة"، وقوله: (أَبْرَصَ)؛ أي: من أصابه البرص، وهو بياض يظهر في
ظاهر البدن؛ لفساد المزاج، يقال: بَرِص، كفرح، فهو أبرص، والمرأة
برصاء. (وَأقرَعَ) هو الذي ذهب شعر رأسه لعلة وآفة، فإن كان لغير علة سمّي
أصلع. (وَأَعْمَى)؛ أي: من ذهب بصره، فقوله: "أبرص ... إلخ" بدل من
"ثلاثة" بدل تفصيل من مجمل، وقوله: (فَأرَادَ اللهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ) خبر "إن" والفاء
زائدة، ويحْتَمل أن يكون خبر "إن" قوله: "في بني إسرائيل"، والابتلاء:
الاختبار، وفي بعض النسخ: "أن يبليهم" بإسقاط التاء، وهو بمعنى الأول.
وقال في "المرقاة": قوله: "أبرص، وأقرع، وأعمى" منصوبات على