البدلية من "ثلاثة"، وقوله: "فأراد الله أن يبتليهم"؛ أي: يمتحنهم؛ ليعرفوا
أنفسهم، أو ليعرفهم الناس، أو ليعلم تعالى أحوالهم علم ظهور، كما يعلمها
علم بطون، قال الطيبيّ -رحمه الله-: هو خبر "إن" عند من يجوّز دخول الفاء في
خبرها، ومن لم يجوّز قدّر الخبر؛ أي: إن فيما أقص عليكم قصّة ثلاثة نفر،
فالفاء لتعقيب المفسّر المجمل، كما في قوله تعالى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ
رَحِيمٌ} [البقرة: 226]، ولو رُفع "أبرص" وما عُطف عليه بالخبرية تعيّن للتفسير.
انتهى؛ يعني: أن رَفْعها بتقدير أحدُهم أبرص، أو منهم أبرص. انتهى.
ووقع في رواية البخاريّ: "بدا لله أن يبتليهم" بتخفيف الدال المهملة بغير
همز؛ أي: سبق في علم الله، فأراد إظهاره، وليس المراد أنه ظهر له بعد أن
كان خافياً؛ لأن ذلك محال في حق الله تعالى.
قال في "الفتح": وقد أخرجه مسلم عن شيبان بن فروخ، عن همام بهذا
الإسناد، بلفظ: "فأراد الله أن يبتليهم" فلعل التغيير فيه من الرواة، مع أن في
الرواية أيضًا نظرًا؛ لأنه لم يزل مريداً، والمعنى: أظهر الله ذلك فيهم، وقيل:
معنى أراد: قضى، وقال صاحب "المطالع": ضبطناه على متقني شيوخنا
بالهمز؛ أي: ابتدأ الله أن يبتليهم، قال: ورواه كثير من الشيوخ بغير همز، وهو
خطأ. انتهى، وسبق إلى التخطئة أيضاً الخطابيّ، قال الحافظ: وليس كما
قال؛ لأنه موجَّه كما ترى، وأَولى ما يُحمل عليه أن المراد: قضى الله أن
يبتليهم، وأما البدء الذي يراد به تغيّر الأمر عما كان عليه فلا. انتهى (?).
(فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مَلَكًا)؛ أي: في صورة رجل مسكين، كما دل عليه قوله
الآتي: "في صورته، وهيئته"، (فأتى الأبْرَصَ، فَقَالَ)؛ أي: الملَك للأبرص،
(أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ )؛ أي: من الأحوال، (قَالَ) الأبرص: (لَوْنٌ حَسَن)
كالبياض، (وَجِلْدٌ حَسَن)؛ أي: ناعم طريّ، (وَيَذْهَبُ عَنِّي) عطف على قوله:
"لون حسنٌ" على تقدير "أن"، كقوله:
أَلَا أَيُّهَا الزَّاجِرِي أَحْضُرُ الْوَغَى ... وَأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ هَلْ أَنْتَ مُخْلِدِي
الشاهد: "أحضر"؛ أي: أن أحضر (?).