من الجميع، كقاعدة الجدار، وإذا كان أصلب كان أدوم بقاء، وهذا مردود؛
لأنه خلاف الظاهر بغير دليل، وقال العلماء: هذا عامّ يخص منه الأنبياء؛ لأن
الأرض لا تأكل أجسادهم، وألحق ابن عبد البر بهم الشهداء، والقرطبيّ
المؤذن المحتسب، قال عياض: فتأويل الخبر، وهو كل ابن آدم يأكله التراب؛
أي: كل ابن آدم مما يأكله التراب، وإن كان التراب لا يأكل أجسادًا كثيرةً،
كالأنبياء.
(وَمِنْهُ)؛ أي: من عَجْب الذَّنَب، (يُرَكَّبُ الْخَلْق)؛ أي: الإنسان الجديد
(يَوْمَ الْقِيَامَةِ")؛ يعني: أن الله عزوجل يبقيه إلى أن يُرَكّب الخلق منه تارة أخرى؛
يعني: أنه يعيد خلقه في الآخرة من عَجْب ذَنَبه، كما أنشأ خلقه منه، والله
تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسمالة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [28/ 7384 و 7385 و 7386] (2955)،
و(البخاريّ) في "التفسير" (4814)، و (أبو داود) في "السُّنّة" (4743)،
و(النسائي) في "المجتبى" (4/ 111 - 112) و"الكبرى" (2204)، و (ابن ماجه)
في "الزهدا" (4266)، و (مالك) في "الموطّأ" (1/ 239)، و (أحمد) في "مسنده"
(2/ 322 و 428 و 499)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (3138)، والله تعالى
أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): ما قاله الحافظ وليّ الدين رحمه الله: كون ابن آدم يأكله التراب
عامّ مخصوص، فإن الأنبياء عليه السلام، لا تبلى أجسامهم الكريمة، وقد قال
النبيّ-صلى الله عليه وسلم-: "إن الله حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء"، واستثنى ابن
عبد البرّء معهم الشهداء، قال: وحسبك ما جاء في شهداء أحد، وغيرهم، ثم
ذكر حديث، جابر لمّا نَقَلَ أباه في خلافة معاوية حين أراد إجراء العين التي في
أسفل أُحُد، وقوله: "فأخرجناهم رطابًا، يتسنّون، فأصابت الْمِسْحَاة أصبع