الناس، (كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ) بفتح الموحّدة، وسكون القاف: كلُّ نبات أخضرّت
به الأرض، قاله ابن فارس، وأَبْقَلَتِ الأرضُ: أنبتت البقل، فهي مُبْقِلَةٌ، على
القياس، وجاء أيضًا بَقْلَة، وبَقِيلَةٌ، وأَبْقَلَ الموضعُ من البقل، فهو بَاقِلٌ، على
غير قياس، وأَبْقَلَ القومُ: وجدوا بقلًا، قاله الفيّوميّ (?).
(قَالً) -صلى الله عليه وسلم-: ("وَلَيْسَ مِنَ الإِنْسَانِ شَئءٌ إلَّا يَبْلَى) وفي رواية البخاريّ:
"ويبلى كل شيء من الإنسان"، (إٍلا عَظْمًا وَاحِدًا، وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ) وفي
حديث أبي سعيد عند الحاكم، وأبي يعلى: "قيل: يا رسول الله، ما عَجْبُ
الذنب؟ قال: مثل حبة خردل".
والعَجْب بفتح العين المهملة، وسكون الجيم، بعدها موحّدة، ويقال له:
عجم بالميم أيضًا عِوَض الباء، هو عظم لطيف، في أصل الصُّلب، وهو رأس
العُصْعُص، وهو مكان رأس الذَّنَب من ذوات الأربع، وفي حديث أبي سعيد
الخدريّ عند ابن أبي الدنيا، وأبي داود، والحاكم، مرفوعًا: "إنه مثل حبة
الخردل".
قال ابن الجوزيّ: قال ابن عَقِيل: لله في هذا سرّ لا يعلمه إلا الله، لأن
من يُظهر الوجود من العدم لا يحتاج إلى شيء يبني عليه.
وَيحْتَمِل أن يكون ذلك جُعل علامة للملائكة على إحياء كل إنسان بجوهره،
ويحصل العلم للملائكة بذلك إلا بإبقاء عَظْم كل شخص؛ ليعلم أنه إنما أراد
بذلك إعادة الأرواح إلى تلك الأعيان التي هي جزء منها، ولولا إبقاء شيء منها
لجوّزت الملائكة أن الإعادة إلى أمثال الأجساد، لا إلى نفس الأجساد.
وقوله في الحديث: "ويبلى كل شيء من الإنسان" يَحْتَمِل أن يريد به
يفنى؛ أي: تُعدم أجزاؤه بالكلية، وَيحْتَمِل أن يراد به: يستحيل، فتزول صورته
المعهودة، فيصير على صفة جسم التراب، ثم يعاد إذا رُكبت إلى ما عهد،
وزعم بعض الشراح أن المراد: أنه لا يبلى؛ أي: يطول بقاؤه، لا أنه لا يفنى
أصلًا.
والحكمة فيه: أنه قاعدة بدء الإنسان، وأُسّه الذي ينبني عليه، فهو أصلب