[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من خماسيّات المصنّف رحمه الله، وأنه مسلسل بالكوفيين إلى الأعمش،
والباقيان مدنيّان، وفيه رواية تابحيّ عن تابعيّ، وشيخه أحد مشايخ الجماعة بلا
واسطة، وفيه أبو هريرة -رضي الله عنه- أحفظ من روى الحديث في دهره، روى (5374)
حديثًا، و"لله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هرَيْرَةَ) -رضي الله عنه-؛ أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ)
فيه دليل. على الرد على من يقول: إنها أربع نفخات، (أَرْبَعُونَ"، قَالُوا)؛ أي:
الحاضرون مجلس أبي هريرة -رضي الله عنه- حين حدّث بهذا الحديث، قال الحافظ رحمه الله:
لم أقف على اسم هذا السائل. (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟ )؛ أي: هل المراد
بالأربعين هي الأيام؟ (قَالَ) أبو هريرة: (أَتيْتُ، قَالُوا: أَرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قَالَ:
أَبَيْتُ، قَالُوا: أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قَالَ: أَبَيْتُ) بموحّدة، أي: امتنعت عن القول بتعيين
ذلك، لأنه ليس عندي في ذلك توقيف، ولابن مردويه من طريق أبي بكر بن
عياش، عن الأعمش في هذا الحديث: "فقال: أعييت"، من الإعياء، وهو
التعب، وكأنه أشار إلى كثرة من يسأله عن تبيين ذلك، فلا يجيبه، وزعم بعض
الشراح أنه وقع عند مسلم: "أربعين سنة"، ولا وجود لذلك، نعم أخرج ابن
مردويه من طريق سعيد بن الصلت، عن الأعمش، في هذا الإسناد: "أربعون
سنة"، وهو شاذّ، ومن وجه ضعيف عن ابن عباس: "قال: ما بين النفخة
والنفخة أربعون سنة"، ذكره في أواخر سورة "ص"، وكأن أبا هريرة لم يسمعها
إلا مجملة، فلهذا قال لمن عيّنها له: "أبيت".
وقد أخرج ابن مردويه من طريق زيد بن أسلم، عن أبي هريرة: "قال:
بين النفختين أربعون، قالوا: أربعون ماذا؟ قال: هكذا سمعت".
وقال ابن التين: وَيحْتَمِل أيضًا أن يكون علم ذلك، لكن سكت ليخبرهم
في وقت، أو اشتغل عن الإعلام حينئذ.
ووقع في "جامع ابن وهب": "أربعين جمعة"، وسنده منقطع.
(ثُمَّ يُنْزِلُ اللهُ) وفي نسخة: "ثم يَنْزِل" (مِنَ السَّمَاءِ مَاءً، فَيَنْبُتُونَ)؛ أي: