شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه-، حال كونه (يَبْلُغُ بِهِ)؛ أي: بالحديث (النَّبِيَّ-صلى الله عليه وسلم-)؛
يعني: أنا، رفعه إليه -صلى الله عليه وسلم-، وإنما عدل عن الصيغة الصريحة المعروفة إلى هذا،
حيث شكّ الأعرج في خصوص الصيغة، هل هي سمعت، أو نحوها، أو لكونه
نسي لفظها، وتأكّد من رفعه، فأتى بصيغة تشمل كلّ ذلك، والله تعالى أعلم.
(قَاْلَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("تَقُومُ السَّاعَةُ)؛ أي: القيامة، وقوله: (وَالرَّجُلُ يَحْلُبُ
اللِّقْحَةَ) - جملة في محلّ نصب على الحال، و"يحلب" بفتح أوله، وضمّ ثالثه،
وكسره، من بأبي نصر، وضرب، والحلب بفتح، فسكون، أو بفتحتين:
استخراج ما في الضرع من اللبن، كالحِلاب (?).
و"اللّقحَةُ" بالكسر: الناقة ذات لبن، والفتح لغةٌ، والجمع لِقَح، مثلُ سِدْرة
وسِدَر، أو مثل قَصْعَة وقِصَع، واللَّقُوحُ بفتح اللام مثل اللَّقحة، والجمع لِقَاحٌ،
مثل قَلُوص وقِلاص، قاله الفيّوميّ (?). (فَمَا يَصِلُ الإِنَاءُ إِلَى فِيهِ)؛ أي: فم
الرجل، (، حَتَّى تَقُومَ، وَالرَّجُلَانِ يَتَبَايَعَانِ الثَّوْبَ، فَمَا يَتَبَايَعَانِهِ، حَتَّى تَقُومَ)؛ أي:
الساعة، وفي رواية البخاريّ: "ولتقومن الساعة، وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما،
فلا يتبايعانه، ولا يطويانه"، وللبيهقيّ في "البعث" من طريق محمد بن زياد، عن
أبي هريرة: "ولتقومن الساعة على رجلين، قد نشرا بينهما ثوبًا يتبايعانه، فلا
يتبايعانه، ولا يطويانه"، ونسبة الثوب إليهما في الرواية الأولى باعتبار الحقيقة في
أحدهما، والمجاز في الآخر؛ لأن أحدهما مالك، والآخر مستام، وقوله في
الرواية الأخرى: "يتبايعانه"؛ أي: يتسا ومان فيه، مالكه، والذي يريد شراءه، فلا
يتم بينهما ذلك من بغتة قيام الساعة، فلا يتبايعانه، ولا يطويانه.
وعند عبد الرزاق، عن معمر، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة،
رفعه: "إن الساعة تقوم على الرجلين، وهما ينشران الثوب، فما يطويانه".
ووقع في حديث عقبة بن عامر عند الحاكم لهذه القصة وما بعدها مقدّمة،
قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: تطلع عليكم قبل الساعة سحابة سوداء، من قِبَل
المغرب، مثل الترس، فما تزال ترتفع، حتى تملأ السماء، ثم ينادي مناد: