مما بين السبابة والوسطى في الطول، قال: وقد ظهر عدم صحة ذلك؛ لوقوع
خلافه، ومجاوزة هذا المقدار، ولو كان ذلك ثابتًا لم يقع خلافه.
قال الحافظ: وقد انضاف إلى ذلك منذ عهد عياض إلى هذا الحين
ثلاثمائة سنة.
وقال ابن العربيّ: قيل: الوسطى تزيد على السبابة نصف سبعها، وكذلك
الباقي من الدنيا من البعثة إلى قيام الساعة، قال: وهذا بعيد، ولا يعلم مقدار
الدنيا، فكيف يتحصل لنا نصف سُبع أمد مجهول؟ فالصواب الإعراض عن ذلك.
قلت (?): السابق إلى ذلك أبو جعفر بن جرير الطبريّ، فإنه أورد في
مقدمة "تاريخه" عن ابن عباس قال: الدنيا جمعة من جمع الآخرة، سبعة آلاف
سنة، وقد مضى ستة آلاف ومائة سنة، وأورده من طريق يحيى بن يعقوب، عن
حماد بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير عنه، ويحيى هو أبو طالب القاصّ
الأنصاريّ، قال البخاريّ: منكر الحديث، وشيخه هو فقيه الكوفة، وفيه مقال.
ثم أورد الطبري عن كعب الأحبار، قال: الدنيا ستة آلاف سنة، وعن وهب بن
منبه مثله، وزاد أن الذي مضى منها خمسة آلاف وستمائة سنة، ثم زيفهما، ورجّح
ما جاء عن ابن عباس، ثم أورد حديث ابن عمر الذي في "الصحيحين" مرفوعًا:
"ما أجلكم في أجل من كان قبلكم إلا من صلاة العصر إلى مغرب الشمس"، ومن
طريق مغيرة بن حكيم، عن ابن عمر بلفظ: "ما بقي لأمتي من الدنيا إلا كمقدار
إذا صليت العصر"، ومن طريق مجاهد، عن ابن عمر: "كنا عند النبيّ - صلى الله عليه وسلم -،
والشمس على قعيقعان مرتفعة بعد العصر، فقال: ما أعماركم في أعمار من مضى
إلا كما بقي من هذا النهار فيما مضى منه"، وهو عند أحمد أيضًا بسند حسن.
ثم أورد حديث أنس: "خطبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومًا، وقد كادت الشمس
تغيب ... "، فذكر نحو الحديث الأول عن ابن عمر، ومن حديث أبي سعيد
بمعناه، قال عند غروب الشمس: "إن مَثَل ما بقي من الدنيا فيما مضى منها، كبقية
يومكم هذا فيما مضى منه"، وحديث أبي سعيد أخرجه أيضًا، وفيه عليّ بن زيد بن
جُداعان، وهو ضعيف، وحديث أنس أخرجه أيضًا، وفيه موسى بن خلف.