وقال البيضاويّ: معناه: أن نسبة تقدُّم البعثة النبوية على قيام الساعة،
كنسبة فضل إحدى الإصبعين على الأخرى.
وقيل: المراد استمرار دعوته، لا تفترق إحداهما عن الأخرى، كما أن
الإصبعين لا تفترق إحداهما عن الأخرى.
ورجّح الطيبيّ قول البيضاويّ بزيادة المستورد فيه (?).
وقال القرطبيّ في "التذكرة": معنى هذا الحديث تقريب أمر الساعة، ولا
منافاة بينه وبين قوله في الحديث الآخر: "ما المسؤول عنها بأعلم من السائل"،
فإن المراد بحديث الباب: أنه ليس بينه وبين الساعة نبيّ، كما ليس بين السبابة
والوسطى إصبع أخرى، ولا يلزم من ذلك عِلم وقتها بعينه، لكن سياقه يفيد
قربها، وأن أشراطها متتابعة، كما قال تعالى: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محمد: 18]
قال الضحاك: أول أشراطها بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم -، والحكمة في تقدم الأشراط إيقاظ
الغافلين، وحثهم على التوبة، والاستعداد.
وقال الكرمانيّ: قيل: معناه الإشارة إلى قرب المجاورة، وقيل: إلى تفاوت
ما بينهما كولًا، وعلى هذا فالنظر في القول الأول إلى العرض، وقيل: المراد ليس
بينهما واسطة، ولا معارضة بين هذا وبين قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}
[لقمان: 34] ونحو ذلك؛ لأن عِلم قربها لا يستلزم علم وقت مجيئها معينًا.
وقيل: معنى الحديث: أنه ليس بيني وبين القيامة شيء، هي التي تليني،
كما تلي السبابة الوسطى، وعلى هذا فلا تنافي بين ما دلّ عليه الحديث، وبين
قوله تعالى عن الساعة: {لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: 59].
وقال عياض: حاول بعضهم في تأويله أن نسبة ما بين الإصبعين كنسبة ما
بقي من الدنيا بالنسبة إلى ما مضى، وأن جملتها سبعة آلاف سنة، واستند إلى
أخبار لا تصح، وذكر ما أخرجه أبو داود في تأخير هذه الأمة نصف يوم،
وفسَّره بخمسمائة سنة، فيؤخذ من ذلك أن الذي بقي نصف سبع، وهو قريب