الذي تُشَدّ إليه، وتوقف عنده. (إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ، حَتَّى مَغْرِبِ)؛ أي: إلى

أن تغرب (الشَّمْسِ) وفي بعض النسخ: "حيث تغرب الشمس" (فَجَلَسُوا)؛ أي:

بعدما تحولوا من المركب الكبير، (فِي أَقْرُب السَّفِينَةِ) بفتح الهمزة، وضم

الراء: جمع قارب بكسر الراء، وفتحها، وهو أَشهر وأكثر، قال النوويّ: أقرب

السفينة، هو بضم الراء، جمع قارب بكسر الراء، وفتحها، وهي سفينة صغيرة،

تكون مع الكبيرة كالجنيبة، يتصرف فيها ركاب السفينة؛ لقضاء حوائجهم، وفي

"النهاية": أما "أقرُب" فلعله جمع قارب، فليمس بمعروف في جمع فاعل أفعُل،

وقد أشار الحميدي في "غريبه" إلى إنكار ذلك، وقال الخطابيّ: إنه جمع على

غير قياس. (فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ) اللام للعهد: أي في الجزيرة التي هناك،

(فَلَقِيَتْهُمْ)؛ أي: فرأتهم (دَابَّةٌ، أَهْلَبُ) الْهُلْب بضم، فسكون: الشَّعر، وقيل: ما

غَلُظ من الشعر، وقيل: ما كَثُر من شعر الذَّنَب، وإنما ذُكِّر؛ لأن الدابة تطلق

على الذكر والأنثى؛ لقوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ} [الأنعام: 38]، كذا

قالوا، والأظهر أنه بتأويل الحيوان، ولذا قال: (كَثِيرُ الشَّعَرِ) وهو تفسير لِمَا

قبله، وعطف بيان، ثم بيّنه زيادة تبيان حيث قال استئنافاً: (لَا يَدْرُونَ)؛ أي:

لا يعرف الناس الحاضرون، (مَما قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ) بضمتين فيهما، قال الطيبيّ - رحمه الله -:

"ما" استفهامية، و"يدرون" بمعنى يعلمون لمجيء الاستفهام تعليقاً، ولا بدّ من

تقدير مضاف بعد حرف الاستفهام؛ أي: ما نسبة قُبُله من دُبُره، (مِنْ كَثْرَةِ

الشَّعَرِ) من أجلها، وبسببها. (فَقَالُوا: وَيْلَكِ) أي ألزمك الله الويل والهلاك،

(مَا أَنْتِ؟ ) خاطبوها مخاطبة المتعجب المتفجع؛ أي: أيّ جنس أنت من

الحيوان؟ قال القرطبيّ: اعتقدوا أنها مما لا يعقل، فاستفهموها بـ "ما"، ثم إنها

بعد ذلك كلمتهم كلام من يعقل، فعنده ذلك رَهِبوا أن تكون شيطانة؛ أي:

خافوا ذلك. (فَقَالَتْ: أَنَا الْجَسَّاسَةُ) قال النوويّ - رحمه الله -: هي بفتح الجيم،

فتشديد المهملة الأولى، قيل: سُمّيت بذلك؛ لتجسسها الأخبار للدجال، وجاء

عن عبد الله بن عمرو بن العاص: أنها دابة الأرض المذكورة في القرآن.

(قَالُوا: وَمَا الْجَسَّاسَةُ؟ قَالَتْ: أَيُّهَا الْقَوْمُ انْطَلِقُوا)؛ أي: اذهبوا (إِلَى هَذَا

الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ) بفتح الدال، وسكون التحتية؛ أي: دير النصارى، ففي

"المغرب": الدير صومعة الراهب، والمراد هنا: القصر، كما سيأتي، والجار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015