(وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ)؛ أي: عن شؤونه، وفتنه،

ومحنه، ثم بيّن كيفية تحديثه له، فقال: َ (حَدَّثَنِي أَنَّهُ)؛ أي: تميماً، (رَكِبَ)

بكسرٍ الكاف، (فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ)؛ أي: كبيرة، لا ؤووق نهري، (مَعَ ثَلَاِثِينَ

رَجُالاً مِنْ لَخْمٍ) بفتح اللام، وسكون الخاء المعجمة مصروفٌ، وقد لا يصرف،

قبيل معروفة، وكذا قوله: (وَجُذَامَ) بالجيم المضمومة.

وقال القاوي - رحمه الله -: فهذا كما في حديث: "ربّ حامل فقه إلى من هو

أفقه منه"، وفيه إشعاو بأن كثرة الرواة لها دخل في قوة الاسناد، ولهذا قال،

على، سبيل الاستشهاد، وطريق الاعتضاد: "حدّثني"، فهو من قبيل رواية الأكابر

عن الأصاغر، وفيه إيماء إلى الردّ على الجاهل المكابر، حيث يتكبر عن أخذ

العلم من أهل الخمول والأصاغر، وقد قال تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف: 146]، وقيل: كلمة الحكمة ضالة المؤمن، فحيث،

وجدها فهو أحقّ بها، ومما يحكى من كلام عليّ - رضي الله عنه -: انظر إلى ما قال، ولا

تنظر إلى من قال، ولله دوّ من قال في هذا المعنى، وأجاد في المقال [من

الرجز]:

وَأَكْرِمِ الأُسْتَاذَ ذَا الإِرْشَادِ ... فَإِنَّهُ أَبٌ لِكُلِّ شَادِي

وَاخْدُمْ لَهُ فَالاقْتِبَاسُ رِقُّ ... وَإِنْ تَكُنْ كَالتَّبْرِ فَهوَ الْوَرْقُ

وَاسْتَفْتِهِ وَإِنْ يَكُنْ بَقَّالَا ... وَانْظُرْ إِلَى الْمَقَالِ لَا مَنْ قَالَا

والمعنى: أن تميماً حكى لي أنه وكب في سفينة بحرية؛ أي: لا برّية؛

احترازاً عن الإبل، فإنها تسمى سفينة البرّ، وقيل: أي مركباً كبيراً بحريّاً، لا

زَوْرقاً صغيراً نهريّاً (?).

(فَلَعِبَ بِهِمُ الْمَوْجُ)؛ أي: دار بهم الموج (شَهْراً)؛ أي: مقدار شهر،

(فِي الْبَحْرِ) واللب في الأصل: ما لا فائدة فيه من فعل، أو قول، فاستعير هنا

لصدّ الأمواج السفنَ عن صوب المقصد، وتحويلها يميناً وشمالاً. (ثُمَّ أَرْفَؤوا)

بهمزتين؛ أي: قرّبوا السفينة، قال الأصمعيّ: أوفأت السفينة أُوفئها إرفاءً،

وبعضهم يقول: أُرفيها بالياء على الإبدال، وهذا مَرْفأ السفن؛ أي: الموضع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015