المراد: جماعة النحل، لا ذكورها خاصّة، لكنه كنى عن الجماعة باليعسوب،
وهو أميرها؛ لأنه متى طار تبعته جماعته، ومنه قيل للسيد: يعسوب، ففي
الكلام نوع قلب؛ إذ حق الكلام: كنحل اليعاسيب، ولعل النكتة في جمع
اليعاسيب، هو الإيماء إلى كثرة الكنوز التابعة، وأنه قُدِّر كأنه جَمْع باعتبار
جوانبه، وأطرافه، والمراد: جَمْع من أمرائه, ووكلائه، وقال الأشرف: قوله:
"كاليعاسيب" كناية عن سرعة اتّباعه؛ أي: تتبعه الكنوز بالسرعة، وقال
الطيبيّ - رحمه الله -: إذا كان قوله: "كاليعاسيب" حالاً من الدجال فالخربة صفة
البقاع، وإذا كان حالاً من الكنوز، فيجوز أن يكون الموصوف جمعاً، أو
مفرداً. انتهى (?).
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: يعاسيب النحل: فُحولها، واحدها يعسوب، وقيل:
أمراؤها، ووجه التشبيه: أن يعاسيب النحل يتبع كلَّ واحد منهم طائفة من
النحل، فتراها جماعات في تفرقة، فالكنوز تتبع الدجال كذلك (?).
(ثُمَّ يَدْعُو)؛ أي: يطلب الدجال (رَجُلاً) لم يُعرف، وقيل: هو
الخضر - عليه السلام -، ولا يصحّ، كما سيأتي، حال كونه (مُمْتَلِئاً)؛ أي: تاماً كاملاً
قوياً، وقوله: (شَبَاباً) تمييز عن النسبة، قال الطيبيّ - رحمه الله -: الممتلئ شباباً هو
الذي يكون في غاية الشباب، (فَيَضْرِبُهُ بِالسَّيْفِ) أي غضباً عليه؛ لإبائه قبول
دعوته الألوهية، أو إظهاراً للقدرة، وتوطئة لخرق العادة، (فَيَقْطَعُهُ جَزْلَتَيْنِ) بفتح
الجيم، وتكسر؛ أي: قطعتين، متباعدتين، (رَمْيَةَ الْغَرَضِ)؛ أي: قَدْر حذف
الْهَدَف، فهي منصوبة بمقدَّر، وفائدة التقييد به أن يظهر عند الناس أنه هلك بلا
شبهة، كما يفعله السحرة، والمشعبذة، قال النوويّ - رحمه الله -: هو بفتح الجيم على
المشهور، وحَكَى ابن دُريد كسرها، ومعنى رمية الغرض: أنه يجعل بين
الجزلتين مقدار رمية الغرض، هذا هو الظاهر المشهور، وحكى القاضي هذا،
ثم قال: وعندي أن فيه تقديماً وتأخيراً، وتقديره: فيصيبه إصابة رمية الغرض،
فيقطعه جزلتين، والصحيح الأول، قال التوربشتيّ - رحمه الله -: أراد برمية الغرض: