إما سرعة نفوذ السيف، وإما إصابة الْمَحَزّ، قال الطيبيّ - رحمه الله -: ويؤيده تأويل
النوويّ قوله في الحديث الآخر: "ثم يمشي الدجال بين القطعتين" (?).
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "فيقطعه جزلتين" هو بفتح الجيم، وحكاه ابن
دُريد بكسرها، قال: والأَولى الفتح؛ لأن جزلتين هنا مصدر ملاقٍ في المعنى
لـ "يقطعه"، فكأنه قال: قطعه قطعتين، أو جزله جَزلتين، وجزلة مصدر محدود
لجزل جزلاً، وجزلةً، ويجوز الكسر على أنه اسم، يعني قَسَمه قطعتين
وفرقتين، و "رميةَ الغرض" منصوب نصب المصدر؛ أي: كرمية الغرض في
السرعة والإصابة، وقيل: جُعل بين القطعتين مثل رمية الغرض، وفيه بُعد،
والأول أشبه. انتهى (?).
(ثُمَّ يَدْعُوهُ)؛ أي: يطلب الدجّال الشاب الذي قطعه بالسيف لكي يأتيه،
(فَيُقْبِلُ) الشابّ على الدجّال، وقوله: (وَيَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ) جملة في محلّ نصب
على، الحال، ومعنى "يتهلّل": أي يتلألأ، ويضيء، وقوله: (يَضْحَكُ) جملة
حاليّة من "وجهه".
(فَبَيْنَمَا هُوَ)؛ أي: الدجّال (كَذَلِكَ) أي: على تلك الحال، وذلك
المنوال، (إِذْ بَعَثَ اللَّهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) عليهما الصلاة والسلام، فسبحان من
يدفع المسيجَ بالمسيح، قال تعالى جل شأنه: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ
فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء: 18]، (فَيَنْزِلُ) عيسى- عليه السلام - (عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ) "عند"
ظرف لـ "ينزل"، وقوله: (شَرْقِيَّ دِمَشْقَ) بالنصب على الظرفية مضافاً إلى قوله:
"دمشق" بكسر الدال، وفتح الميم، وتُكسر، وهو المشهور الآن بالشام، فإنه
تحت ملكه، وذكر السيوطي في تعليقه على ابن ماجه أنه قال الحافظ ابن كثير:
في رواية أن عيسى - عليه السلام - ينزل ببيت المقدس، وفي رواية بالأردنّ، وفي رواية
بمسكر المسلمين.
قال: حديث نزوله ببيت المقدس عند ابن ماجه، وهو عندي أرجح، ولا
ينافي سائر الروايات؛ لأن بيت المقدس شرقيّ دمشق، وهو معسكر المسلمين