ذروة مثلثة، وهي أعلى السنام، وذروة كل شيء أعلاه، وهو كناية عن كثرة
السِّمَن، وانتصاب "ذراً" على التمييز. (وَأَسْبَغَهُ)؛ أي: أتمّه (ضُرُوعاً) بضم
أوله: جمع ضرع، وهو الثدي، كناية عن كثرة اللبن، (وَأَمَدَّهُ)؛ أي: وأمدّ ما
كانت، وهو اسم تفضيل من المدّ، (خَوَاصِرَ) جمع خاصرة، وهي ما تحت
الجَنْب، ومدّها كناية عن الامتلاء، وكثرة الأكل.
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "فتغدو عليهم سارحتهم إلخ": تغدو: تبكر.
والسارحة: المواشي التي تخرج للسرح، وهو الرعي، كالإبل، والبقر،
والغنم. والذُّرى: جمع ذروة، وهي الأسنمة، وأسبغه: أطوله ضروعاً؛ لكثرة
اللبن. وأمدّه خواصر: لكثرة أكلها، وخصب مرعاها. انتهى (?).
(ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ)؛ أي: قوماً آخرين، وفي العدول عن قوله: "على" بناءً
على ما سبق إشعار بأن إتيانه على الأولين ضررٌ في الحقيقة، دون الآخرين (?).
(فَيَدْعُوهُمْ) أي إلى عبادته بدعواه الألوهيّة، (فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ) أي لا يقبلونه،
أو يبطلونه بالحجة، (فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ) فيه إشارة إلى أنه ليس له قدرة الإجبار،
قال تعالى - جل جلاله -: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42)}
[الحجر: 42] والمعنى فيصرفه الله عنهم، (فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ) بضم الميم,
وبالحاء؛ أي: داخلين في الْمَحْل، قال التوربشتيّ - رحمه الله -: أمحل القومُ: أصابهم
المحل، وهو انقطاع المطر، ويبس الأرض من الكلأ، وقوله: (لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ
شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ) بيان لإمحالهم، والحاصل أن القوم صاروا به مبتلين بأنواع
من البلاء، والمحن، والضرّاء، ولكن الله - عز وجل - أمدّهم بالصبر والثبات، وقوّة
اليقين، فهم صابرون، راضون، شاكرون. (وَيَمُرُّ) الدجّال (بِالْخَرِبَةِ) بفتح
الخاء، وكسر الراء، أو بكسر الخاء، وسكون الراء أو بكسر الراء؛ أي:
بالأرض الخراب (فَيَقُولُ لَهَا: أَخْرِجِي) بقطع الهمزة، من الإخراج، (كنُوزَكِ)؛
أي: مدفونك، أو معادنك، (فَتَتْبَعُهُ) الفاء فصيحية؛ أي: فتخرج، فتتبع الدجال
(كُنُوزُهَا، كيَعَاسِيبِ النَّحْلِ)؛ أي: كما يتبع النحلُ اليعسوب، قال النوويّ - رحمه الله -:
اليعاسيب ذكور النحل، هكذا فسَّره ابن قتيبة، وآخرون، قال القاضي - رحمه الله -: