وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "ذُلْف الأنوف" ويروى: الآنف، فالأول جمع

الكثرة كفلس وفلوس، والثاني جمع قلّة، كأفلس، ويُجمع أيضًا على آناف،

وأنف كل شيء أوّله، والذلف في الإنسان بالذال المعجمة: صغر الأنف،

واستواء الأرنبة، وقصرها، وقيل: تطامن الأرنبة، والأول أعرف، وأشهر،

تقول: رجل أذلف بَيِّن الذلف، وقد ذَلَف. والمرأة ذلفاء، من نساء ذُلْف، ولا

شك في أن هذه الأوصاف هي أوصاف الترك غالبًا، وقد سماهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في

الرواية الأخرى، فقال: "يقاتل المسلمون الترك"، وهذا الخبر قد وقع على

نحو ما أخبر، فقد قاتلهم المسلمون في عراق العجم مع سلطان خوارزم رحمه الله

وكان الله قد نصره عليهم، ثم رجعت لهم الكرّة، فغلبوا على عراق العجم

وغيره، وخرج منهم في هذا الوقت أمم لا يحصيهم إلا الله، ولا يردّهم عن

المسلمين إلا الله، حتى كأنهم يأجوج ومأجوج، أو مقدمتهم، فنسأل الله تعالى

أن يُهلكهم، ويبيد جَمْعهم، ولما علم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لي عددهم، وكثرتهم، وحدّة

شوكتهم قال - صلى الله عليه وسلم -: "اتركوا الترك ما تركوكم"، لكنا نرجو من فضل الله تعالى

النصر عليهم، والظفر بهم، وذلك لِمَا رواه أبو داود من حديث عبد الله بن

بريدة، عن أبيه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "تقاتلكم الترك، قوم صغار الأعين"،

قال: يعني: الترك، قال: تسوقونهم ثلاث مرار حتى تلحقونهم بجزيرة العرب،

فأمَّا في السياقة الأُولى فينجو من هرب منهم، وأما في الثانية فينجو بعض،

ويهلك بعض، وأما في الثالثة فيُصطلمون (?) " (?).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد البحث فيه مستوفًى، ولله الحمد.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال:

[7286] (. . .) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ- يَعْنِي: ابْنَ

عَبْدِ الرَّحْمَنِ- عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا

تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ التُّرْكَ، قَوْمًا وُجُوهُهُمْ كَالْمَجَانِّ الْمُطْرَقَةِ،

يَلْبَسُونَ الشَّعَرَ، وَيمْشُونَ فِي الشَّعَرِ").

قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم هذا الإسناد نفسه قبل بابين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015