والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى شرحه، وبيان مسائله في الحديث
الماضي، ولله الحمد.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال:
[7285] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ،
عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا تَقُومُ
السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا صِغَارَ
الأَعْيُنِ، ذُلْفَ الآنُفِ").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
وكلّهم ذُكروا في الباب.
وقواء: (نِعَالُهُمُ الشَّعَرُ) قال القرطبيّ: أي: يصنعون من الشعر حبالًا،
ويصنعون منه نعالًا، كما يصنعون منه ثيابًا. قال: هذا ظاهره، وَيحْتَمِل أن يريد
بذلك أن شعورهم كثيفة طويلة، فهي إذا سدلوها كاللباس، وذوائبها لوصولها
إلى أرجلهم كالنعال. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الاحتمال الأخير بعيد من معنى
الحديث جدًّا، والله تعالى أعلم.
وقوله: (ذُلْفَ الآنُفِ)؛ أي: صغارها، والعرب تقول: أملح النساء
الذُّلْف، وقيل: الذلف الاستواء في طرف الأنف، وقيل: قِصَر الأنف،
وانبطاحه، قاله في "الفتح".
وقال النوويّ رحمه الله: هو بالذال المعجمة، والمهملة، لغتان المشهور
المعجمة، وممن حكى الوجهين فيه صاحبا "المشارق"، و"المطالع" قالا:
رواية الجمهور بالمعجمة، وبعضهم بالمهملة، والصواب: المعجمة، وهو بضم
الذال، وإسكان اللام: جمع أذلف، كأحمر وحُمْر، ومعناه: فُطْس الأنوف،
قصارها، مع انبطاح، وقيل: هو غَلَظ في أرنبة الأنف، وقيل: تطامن فيها،
وكله متقارب. انتهى (?).