ينتهي، لكن في الحقيقة عن حالة ينقطع عندها الرجاء؛ لسوء العمل، كيلا

يصادفه الموت عليها، قاله في "المرقاة" (?).

وقال المناويّ رحمه الله: "لا يموتنّ" بنون التوكيد "أحد منكم، إلا وهو

يحسن الظن بالله"؛ أي: لا يموتن أحدكم في حال من الأحوال، إلا في هذه

الحالة، وهي حسن الظن بالله تعالى، بأن يظن أنه يرحمه، ويعفو عنه؛ لأنه إذا

حضر أجله، وأتت رحلته، لم يبق لخوفه معنًى، بل يؤدي إلى القنوط، وهو

تضييق لمجاري الرحمة والإفضال، ومن ثَمّ كان من الكبائر القلبية، فحُسن

الظنّ، وعِظَم الرجاء أحسن ما تزوّده المؤمن لقدومه على ربه. انتهى (?).

وقال الطيبيّ رحمه الله: نَهَى أن يموتوا على غير حالة حسن الظن، وذلك

ليسر، بمقدورهم، بل المراد: الأمر بتحسين الأعمال؛ أي: أحسنوا أعمالكم

الآن، حتى يحسن بالله ظنكم عند الموت، فإن من ساء عمله قبل الموت يسوء

ظنّه عند الموت. انتهى (?).

وقال النوويّ رحمه الله: قال العلماء: هذا تحذير من القنوط، وحثٌّ على الرجاء

عند الخاتمة، وقد سبق في الحديث الآخر قوله سبحانه وتعالى: "أنا عند ظن عبدي بي".

قال العلماء: معنى حسن الظن بالله تعالى أن يَظُنّ أنه يرحمه، ويعفو

عنه، قالوا: وفي حالة الصحة يكون خائفًا راجيًا، ويكونان سواءً، وقيل: يكون

الخوف أرجح، فإذا دنت أمارات الموت غَلَّب الرجاء، أو مَحّضه؛ لأن مقصود

الخوف الانكفاف عن المعاصي والقبائح، والحرص على الإكثار من الطاعات

والأعمال، وقد تعذر ذلك، أو معظمه في هذا الحال، فاستُحِبّ إحسان الظن

المتضمن للافتقار إلى الله تعالى، والإذعان له، ويؤيده الحديث المذكور بعده:

"يُبعث كل عبد على ما مات عليه"، ولهذا عقّبه مسلم للحديث الأول.

قال العلماء: معناه: يُبعث على الحالة التى مات عليها، ومثله الحديث

الآخر بعده: "ثم بُعثوا على نياتهم" (?)، والله تعالى أعلم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015