المؤمن، أو الموقن، فيقول: محمد رسول الله، جاءنا بالبينات والهدى،
فأجبنا، وآمنّا، واتبعنا، فيقال له: نَمْ صالحًا". وفي حديث أبي سعيد، عند
سعيد بن منصور: "فيقال له: نَمْ نَوْمة العروس، فيكون في أحلى نومة نامها
أحد، حتى يُبعث". وللترمذيّ في حديث أبي هريرة: "ويقال له: نم نومة
العروس الذي لا يوقظه إلا أحبّ أهله إليه، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك".
ولابن حبان، وابن ماجه، من حديث أبي هريرة، وأحمد من حديث عائشة:
"ويقال له: على اليقين كنت، وعليه متّ، وعليه تُبعث إن شاء الله".
(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("فَيُقَالُ لَهُ)؛ أي: على لسان الملَكين، (انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ
النَّارِ) لو لمِ تكن مؤمنًا ولم تُجب الملَكين، (قَدْ أَبْدَلَكَ اللهُ بِه)؛ أي: بمقعدك
هذا (مَقْعدًا مِنَ الْجَنَّةِ") وفي رواية أبي داود: "فيقال له: هذا بيتك كان في
النار، ولكن الله -عز وجل- عصمك، ورحمك، فأبدلك به بيتًا في الجنّة، فيقول:
دعوني حتى أذهب، فأبشّر أهلي، فيقال له: اسكت". وفي حديث أبي سعيد
عند أحمد: "كان هذا منزلك لو كفرت بربك". ولابن ماجه من حديث أبي
هريرة - صلى الله عليه وسلم - بإسناد صحيح: "فيقال له: هل رأيت الله؟ فيقول: ما ينبغي لأحد
أن يرى الله، فتُفرَج له فرجة قِبَل النار، فينظر إليها، يحطم بعضها بعضًا، فيقال
له: انظر ما وقاك الله". وفي رواية للبخاريّ عن أبي هريرة: "لا يدخل أحد
الجنة إلا أُري مقعده من النار، لو أساء؛ ليزداد شكرًا"، وذكر عكسه.
(قَالَ نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "فَيَرَاهُمَا)؛ أي: المقعدين، (جَمِيعًا") ليزداد فرحه.
وقوله: (قَالَ قَتَادَةُ) بن دِعامة: (وَذُكِرَ لَنَا) بالبناء للمفعول، لم يذكر من
ذكر له، (أنَّهُ) بفتح الهمزة؛ لوقوعه نائب فاعل لـ"ذُكر"، (يُفْسَحُ لَهُ) بالبناء
للمفعول أيضًا؛ أي: يوسّع لذلك الميت (فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا) وفي حديث
البراء - رضي الله عنه - عند أحمد: "ويفسح له في قبره مدّ بصره"، (وَيُمْلأُ) بالبناء للمفعول
أيضًا، (عَلَيْهِ خَضِرًا) قال النوويّ -رحمه الله-: "الخضر" ضبطوه بوجهين: أصحهما
بفتح الخاء، وكسر الضاد، والثاني: بضم الخاء، وفتح الضاد، والأول أشهر،
ومعناه: يُملأ نِعَمًا غضّةً، ناعمة، واصلة من خضرة الشجر، هكذا فسَّروه، قال
القاضي: يَحْتَمِل أن يكون هذا الفسح له على ظاهره، وأنه يُرفع عن بصره ما
يجاوره من الحُجُب الكثيفة، بحيث لا تناله ظلمة القبر، ولا ضيقة إذا رُدت إليه