الذهنيّ، وقوله: "لمحمد - صلى الله عليه وسلم - " بيان من الراوي للرجل؛ أي: لأجل محمد - صلى الله عليه وسلم -.
قال الطيبيّ -رحمه الله-: دعاؤه بالرجل من كلام الملك، فعبَّر بهذه العبارة التي ليس
فيها تعظيم امتكانًا للمسؤول؛ لئلا يتلقن تعظيمه عن عبارة القائل، ثم يثبّت الله
الذين آمنوا. انتهى.
ولا يلزم من الإشارة ما قيل من رَفْع الحُجُب بين الميت وبينه - صلى الله عليه وسلم - حتى
يراه، ويُسأل عنه؛ لأن مثل ذلك لا يثبت بالاحتمال، على أنه مقام امتحان،
وعدم رؤية شخصه الكريم أقوى في الامتحان، ولا ما تفوّه به بعض الجهلة من
أنه - صلى الله عليه وسلم - يحضر الميت في قبره بجسده وروحه؛ لأن الإشارة بـ "هذا" للحاضر في
الذهن، كما في "تنويو الحوالك" للسيوطيّ، فإن الإشارة كما تكون للحاضر في
الخارج كذلك تكون للحاضر في الذهن أيضًا، ويدل على بطلان القولين،
وعلى كون الإشارة هنا إلى الموجود الحاضر في الذهن رواية أحمد، والطبراني
بلفظ: "ما تقول في هذا الرجل؟ قال: من؟ قال: محمد، فيقول ... إلخ"،
فإنه لو كُشف - صلى الله عليه وسلم - للميت، أو حضره في القبر لَمَا احتاج إلى السؤال بقوله:
"من" "فتأمل.
قال الجامع عفا الله عنه: ومثل ما أنكره صاحب "المرعاة" من رفع
الحجاب، أو ما تفوّه به بعض الجهلة ما وقع لبعض المتصوفة وأهل الخرافة
من أنه - صلى الله عليه وسلم - ملأ الكون كلّه بروحه وجسده، فلهذا جازت الإشارة إليه بقوله: "ما
تقول في هذا الرجل؟ "، فكلّ هذا مما لم يُنزل الله -عز وجل- به سلطانًا، ومن التقوّل
على الله بلا علم، فمنزلة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رفيعة فوق هذا كلّه، ولكن لا يجوز لمسلم
أن يَنسب إليه ما لم يُنقل عنه نصًّا في كتاب الله -سبحانه وتعالى-، أو في سننه الصحيحة،
فتنبّه أيها العاقل، ولا تغترّ بمزاعم هؤلاء الجهلة، وأهل الخرافة، والله تعالى
الهادي إلى سواء السبيل.
(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("فَأمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ)؛ أي: في جوابه لهما مع اعترافه
بالتوحيد، كما في حديث البراء وغيره. (أَشْهَدُ أنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ") ولأحمد
من حديث أبي سعيد - رضي الله عنه -: "فإن كان مؤمنًا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن
محمدًا عبده ورسوله، فيقال له: صدقت". زاد أبو داود: "فلا يسألانه عن
شيء غيرهما"، وفي حديث أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - في "الصحيحين": "فأما