سُرّيّةً، فأعرضوا عن الحلال، وارتكبوا الحرام، ولا مالًا؛ أي: ولا يطلبون
مالًا حلالًا، من طريق الكدّ والكسب الطيب، فقيل: هم الخدم الذين يكتفون
بالشبهات، والمحرمات التي سَهُل عليهم مأخذها عما أبيح لهم، وليس لهم
داعية إلى ما وراء ذلك، من أهل، ومال.
وقيل: هم الذين يدورون حول الأمراء، ويخدمونهم، ولا يبالون من أيّ
وجه يأكلون، ويلبسون، أمِنَ الحلال، أم من الحرام؟ ليس لهم مَيْل إلى أهل،
ولا إلى مال، بل قَصَروا أنفسهم على المأكل، والمشرب، ثم الإشكال الذي
أورده الشيخ على معنى "لا زبر له" لا تعلّق له بأن يكون ما بعده قسمًا آخر،
أو لا، والله أعلم. انتهى (?).
(الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا) قال صاحب "التكملة": كذا وقع منصوبًا في نُسخ
"صحيح مسلم"، وفي رواية الطبرانيّ: "هم فيكم تبعٌ"، وهو أوفق بالقياس،
وأما كونه منصوبًا، فيمكن تأويله على أنه حال من فعل محذوف، كأنه قال:
هم يعيشون فيكم تبعًا، وفي رواية أحمد: "هم فيكم تبعًا، أو تُبعاء" شكّ
يحيى، وعلى الوجه الأخير هو جمع تابع، كفُضَلاء جمع فاضل، والله تعالى
أعلم. انتهى (?).
وقال القاري: قوله: "تبع" بفتحتين: جمع تابع، كخَدَم جمع خادم، قال
الطيبيّ: "تبع" وقع في بعض نُسخ "المصابيح" مرفوعًا، كما في "صيحيح
مسلم"، على أنه فاعل الظرف، أو مبتدأ خبره الظرف، والجملة خبر "هم"،
وفي، بعضها منصوبًا، كما في الحميديّ و"جامع الأصول"، وهو حال من
الضمير المستتر في الخبر. انتهى (?).
(لَا يَتْبَعُونَ أَهْلًا، وَلَا مَالًا) روي بتشديد التاء، وتخفيفها، فعلى الأول هو
مضارع من الاتباع، وعلي الثاني مضارع من تَبع، ووقع في بعض النسخ:
"يبتغون" بالموحّدة، والغين المعجمة؛ أي: لا يطلبون.