وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "لا يتبعون أهلًا ولا مالًا" هذا تفسير من
النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لقوله أولًا: "الضيف الذي لا زبر له"، فيعني بذلك أن هؤلاء القوم
ضعفاء العقول، فلا يسعون في تحصيل مصلحة دنيوية، ولا فضيلة نفسية، ولا
دينية، بل يُهملون أنفسهم إهمال الأنعام، ولا يبالون بما يثبون عليه من الحلال
والحرام، وهذه الأوصاف الخبيثة الدنيئة هي أوصاف هذه الطائفة المسمّاة
وقال القاري -رحمه الله-: قوله: "لا يبغون" بفتح الياء، وتسكين الموحّدة،
وضم الغين المعجمة، في النسخ المصححة المعتمدة (?)، وفي بعضها بفتح
الياء، وتشديد الفوقية، وكسر الموحدة، والعين المهملة، من الاتّباع، وفي
نسخة بضم الياء، وسكون الفوقية، وكسر الموحدة، والعين المهملة، قال
النوويّ: "لا يتبعون" بالعين المهملة، يخفف، ويشدد، من الإتباع، وفي بعض
النسخ: "يبغون" بِالغين المعجمة. انتهى (?).
وقال صاحب "التكملة": هذه الجملة تفسير لـ"الضعيف الذي لا زبر له"،
والمعنى: أنهم لا يسعون في تحصيل منفعة دينيّة، ولا دنيويّة، بل يُهملون
أنفسهم إهمال الأنعام، فلا يطلبون أهلًا ولا مالًا بطريقة معروفة، بل هم تبع
لقادتهم يسيرون معهم حيث ساروا، وإنما استحقّوا النار؛ لأنهم لم يستعملوا ما
وهبهم الله تعالى من العقل والفكر لتمييز الكفر من الإيمان، فوقعوا في الكفر
تبعًا لقادتهم (?).
ثم أشار إلى الثاني من الخمسة بقوله: (وَالْخَائِنُ الَّذِي لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ)
مصدر بمعنى المفعول، قال القاضي: أي: لا يخفى عليه شيء مما يمكن أن
يُطمع فيه، (وَإِنْ دَقَّ) بحيث لا يكاد يُدرَك، (إِلَّا خَانَهُ)؛ أي: إلا وهو يسعى