(قالَ) النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَة): أي: خمسة أجناس، وفيه إشارة

إلى كثرتهم.

ثم أشار إلى الأول بقوله: (الضَّعِيفُ الَّذِي لَا زَبْرَ لَهُ) -بفتح الزاي،

وورَصون الموحّدة-؛ أي: لا رأي له، ولا عقل كاملًا يَعقِله، ويمنعه عن

ارتكاب ما لا ينبغي، وقيل: هو الذي لا مال له، وقيل: الذي ليس عنده ما

يعتمده، وقد ورد: "الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع

من لا عقل له" (?)، وفي "القاموس": الزبر: العقل، والكمال، والصبر،

والانتهار، والمنع، والنهي. انتهى، ولكلِّ وجه في المعنى.

وفي "شرح السُّنَّة"؛ أي: لا عقل له، وفي "الغريبين": يقال: ما له زبر؛

أي: عقل.

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "الذي لا زبر له" والزبر هنا: العقل، قاله

الهراويّ، وفي "الصحاح": يقال: ما له زبر؛ أي: عقل، وتماسك.

قال القرطبيّ: وسمّي العقل زبرًا؛ لأنَّ الزبر في أصله هو المنع والزجر،

يقال: زبره يزبُره بالضم زبرًا: إذا انتهره، ومنعه، ولمّا كان العقل هو المانع

لمن اتّصف به من المفاسد، والزاجر عنها سمّي بذلك، وقد قيل في الزبر في

هذا الحديث: إنه المال، وليس بشيء. انتهى (?).

وقال التوربشتيّ: المعنى لا يستقيم على تفسير الزبر بالعقل؛ لأن من لا

عقل له لا تكليف عليه، فكيف يُحكم بأنه من أهل النار؟ وأرى الوجه فيه أن

يُفَسَّر بالتماسك، فإن أهل اللغة يقولون: لا زبر له؛ أي: لا تماسك له، وهو

في الأصل مصدر، والمعنى: لا تماسك له عند مجيء الشهوات، فلا يرتدع

عن فاحشة، ولا يتورع عن حرام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015