(وَأَنْفِقْ)؛ أي: ما في جُهدك في سبيل الله، (فَسَنُنْفِقَ عَلَيْكَ)؛ أي: نُخلف
عليك بَدَله في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ
يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39)} [سبأ: 39]، وفيه وعد، وتسلية له -صلى الله عليه وسلم-،
ولأصحابه، وكذا لأمته بعده.
(وَابْعَثْ)؛ أي: أرسل أنت (جَيْشًا)؛ أي: كبيرًا، أو صغيرًا، (نَبْعَثْ)؛
أي: نرسل من جندنا (خَمْسَةً)؛ أي: مقدار خمسة (مِثْلَهُ) بالنصب؛ أي: مثل
الجيش الذي بعثته، والمعنى: نبعث من الملائكة خمسة أمثال تُعينهم، كما
فعل الله ذلك ببدر، قال تعالى: {بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا
يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125)} [آل عمران: 125]، وكان
المشركون يومئذ ألفًا، والمسلمون ثلثمائة.
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "نبعث خمسة مثله": هذا يدلّ على أن هذا
كان قبل غزوة بدر؛ لأنَّ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- كان يوم بدر في ثلاثمائة من أصحابه،
ونيّف، وقيل: ثلاثة عشر، وقيل: سبعة عشر، فأمدّه الله تعالى بخمسة آلاف
من الملائكة، كما نطق القرآن به. انتهى (?)
(وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ)؛ أي: بمعونته، أو معه، (مَنْ عَصَاكَ)؛ أي: بعدم
الإيمان بك.
(قَالَ) النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: (وَأَهْلُ الْجَنَّةِ)؛ أي: المتأهّلون لدخولها، والصالحون
له، (ثَلَاثةٌ)؟ أي: ثلاثة أجناس، من الأشخاص.
ثم أشار إلى الأول بقوله: (ذُو سُلْطَانٍ)؛ أيّ صاحب حكم، وولاية
عامّة، أو خاصّة، كالولاية على أهل بيته، لحديث: "كلكم راع ... ".
وقال الطيبيّ: قوله: "ذو سلطان"؛ أي: سلطان؛ لأنه ذو قهر، وغلبة،
من السلاطة، وهي التمكن من القهر، قال تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ}
الآية [النساء: 90]، ومنه سُمي السلطان، وقيل: ذو حجة؛ لأنه تقام الحجج به.
انتهى (?).