يمسها أحد، وقال آخرون: بل البحيرة الناقة كذلك، وخلوا عنها، فلم تُركب،
ولم يضربها فحل، وأما قوله: (فَلَا يَحْلُبُهَا) وفي بعض النسخ: "فلا يحتلبها"،
(أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ) فهكذا أطلق نفي الحلب، وكلام أبي عبيدة يدلّ على أن
المنفيّ إنما هو الشرب الخاصّ، قال أبو عبيدة: كانوا يُحَرِّمون وَبَرَها،
ولحمها، وظهرها، ولَبَنها على النساء، ويُحِلّون ذلك للرجال، وما وَلَدت فهو
بمنزلتها، وإن ماتت اشترك الرجال والنساء في أكل لحمها.
وروى عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة، قال: البحيرة من الإبل، كانت
الناقة إذا نتجت خمس بطون، فإن كان الخامس ذكرًا، كان للرجال دون النساء،
وإن كانت أنثى بُتكت أُذنها، ثم أُرسلت، فلم يجزّوا لها وَبَرًا، ولم يشربوا لها
لبنًا، ولم يركبوا لها ظهرًا، وإن تكن ميتة فهم فيه شركاء، الرجال والنساء، ونَقَل
أهل اللغة في تفسير البحيرة هيآت أخرى، تزيد بما ذُكِر على العشر، وهي فعيلة
بمعنى مفعولة، والبحر شقّ الأذن، كان ذلك علامة لها، قاله في "الفتح" (?).
(وَأَمَّا السَّائِبَةُ) فهي (الَّتي كانُوا يُسَيِّبُونَهَا لآلِهَتِهِمْ، فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ) قال
أبو عبيدة: كانت السائبة من جميع الأنعام، وتكون من النذور للأصنام، فتُسَيَّب،
فلا تُحبس عن مرعى، ولا عن ماء، ولا يركبها أحد، قال: وقيل: السائبة لا تكون
إلا من الإبل، كان الرجل ينذر إن برئ من مرضه، أو قَدِم من سفره لَيُسيبنّ بعيرًا.
وروى عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة، قال: السائبة كانوا يسيّبون بعض
إبلهم، فلا تُمْنَع حوضًا أن تشرب فيه. انتهى (?).
[تنبيه]: هذا الحديث مشتمل على الموقوف والمرفوع، فما مضى من
تفسير البحيرة، والسائبة، فهو موقوف، من كلام ابن المسيّب، وأما المرفوع،
فقد ذكره بقوله: (وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ)؛ أي: بالسند السابق، فهو موصول،
وليس معلّقًا، فتنبّه. (قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه -، (قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِىِّ) هكذا في هذه الرواية، قال القاضي عياض رحمه اللهُ:
المعروف في نسب ابن خزاعة عمرو بن لُحَيّ بن قمعة، كما قال في الرواية