انبعث أشقاها"، والباء سببيّة؛ أي: قام بسبب إرادة عقرها (رَجُلٌ) وفي بعض
النسخ: "انبعث لها رجل"؛ أي: قام لأجل عقرها رجل (عَزِيزٌ)؛ أي: قليل
المِثل، (عَارِمٌ) بالعين المهملة، والراء؛ أي: جبار صَعْب، شديد مفسدٌ خبيث،
وقيل: جاهلٌ شَرِسٌ، وقيل: صعب على من يرومه، كثير الشهامة والشرّ.
(مَنِيعٌ)؛ أي: قويّ ذو منعة (فِي رَهْطِهِ)؛ أي: قومه؛ يعني: أن قومه يمنعونه
من الضَّيْم، (مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ") هو الأسود المذكور جدّ عبد الله بن زمعة، وكان
الأسود أحد المستهزئين برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومات على كفره بمكة، وقُتل ابنه
زمعة يوم بدر كافرًا أيضًا.
وفي رواية للبخاريّ تعليقًا: "مثل أبي زمعة عمّ الزبير بن العوّام"، قال في
"الفتح": قوله: "عم الزبير بن العوام" هو عم الزبير مجازًا؛ لأنه الأسود بن
المطلب بن أسد، والعوام بن خُويلد بن أسد، فنزل ابن العم منزلة الأخ،
فأطلق عليه عمًّا بهذا الاعتبار، كذا جزم الدمياطيّ باسم أبي زمعة هنا، وهو
المعتمَد، وقال القرطبيّ في "المفهم": يَحْتَمِل أن المراد بأبي زمعة: الصحابيّ
الذي بايع تحت الشجرة؛ يعني: وهو عبيد البلويّ، قال: ووجه تشبيهه به، إن
كان كذلك أنه كان في عزة ومنعة في قومه، كما كان ذلك الكافر، قال:
ويَحْتَمِل أن يريد غيره، ممن يكنى أبا زمعة من الكفار.
قال الحافظ: وهذا الثاني هو المعتمَد، والغير المذكور هو الأسود، وهو
جدّ عبد الله بن زمعة، راوي هذا الخبر؛ لقوله في نفس الخبر: "عم الزبير بن
العوام" وليس بين البلويّ وبين الزبير نسبٌ، وقد أخرج الزبير بن بكار هذا
الحديث في ترجمة الأسود بن المطلب، من طريق عامر بن صالح، عن
هشام بن عروة، وزاد: "قال: فتحدث بها عروة، وأبو عبيدة بن عبد الله بن
زمعة جالس، فكأنه وَجَد منها، فقال له عروة: يا ابن أخي والله ما حدثنيها
أبوك، إلا وهو يَفْخَر بها"، وكان الأسود أحد المستهزئين، ومات على كفره
بمكة، وقُتل ابنه زمعة يوم بدر كافرًا أيضًا. انتهى (?).