فإنه أراد أن ثالث الأقوال في المسألة: التفصيل، وهو أن التخصيص من
الوعيد يرجى للمسلم، ومن عاند الإسلام، وَهُم الكفار فلا يشمله التخصيص
من الوعيد، وإن قصرت عبارته عن هذا الحكم لعدم مساعدة النظم، فهو
مراده، فجعل الأقوال ثلاثة: بقاء الوعيد على عمومه، من غير تخصيص عصاة
الموحدين والكفار.
تخصيص الموحدين لا غير، وهذا هو الذي سبق عن ابن عباس في
تفسير آية "هود"، ثم قال مشيرًا إلى منشأ مقالة كل من القائلين، وأن الحاصل
له المحافظة على قاعدة تعود إلى تعظيم الله جل وعلا قوله:
فَمِنْ قَاصِدٍ تَعْظِيمَهُ لَوْ رَعَى لَهُ ... مِنَ الْجَبَرُوتِ الْحَقِّ عِزَّ التَّعَاظُمِ
فهذه إشارة إلى الوعيدية، وأنهم قصدوا بالقول بالتخليد في النار لكل من
دخلها تنزيه الله عن خُلف الوعد الذي أفاده قوله: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: 29]
ونحوه، وأشار إلى منشأ ما ذهب إليه غلاة نفاة الحكمة بقوله:
وَمِنْ قَاصِدٍ تَعْظِيمَهُ لَوْ رَعَى لَهُ ... مَحَامِدَ مَمْدُوحٍ بِأَحْكَمِ حَاكِمِ
انتهى، والله سبحانه أعلم.
وصلَّى الله على خير خلقه محمد وآله وصحبه وسلم (?).
قال الجامع عفا الله عنه: انتهيت من نسخ رسالة العلامة الصنعانيّ رحمه الله
وقت السحر ليلة الجمعة 7/ 10/ 1433 هـ، ولله الحمد والمنّة.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال:
[7154] ( ... ) - (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ،
عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، قِيلَ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ"، ثُمَّ ذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي