صالح بن مهدي المقبليّ في كتابه "العلم الشامخ" ولواحقه (?)، وفي أبحاثه
المسددة، ونقلت كلامه، ورددت عليه في "إيقاظ الفكرة"، وطائفة أقدموا على
أن الله ليس بقادر على هداية الكافر، لأنه خُلق على هيئة لا يَقبل اللطف
معهما، وهم غلاة المعتزلة، وقد رد عليهم الأئمة من أهل التحقيق، وأبانوا أنه
قول بالقبول غير حقيق، وأن فيه من الشناعة والبشاعة ما لا يليق، وأما ابن
تيمية ومن تابعه فأثبتوا الحكمة، وعموم قدرة الله على كل شيء، وقال: بما
سمعت من فناء النار، وأنه تعالى خلق الأشقياء ليتفضل عليهم بعفوه ورحمته،
ولقد أصاب بإثبات الأمرين الذين نفاهما غيره، ولكنه غيَّر وجه الحُكم وحَكَم
بفناء النار، ولم ينهض له دليل على ذلك كما عرفته.
وقد أشار السيد العلامة الكبير محمد بن إبراهيم الوزير إلى هذه الثلاثة
الأقوال، وإلى ما تفرع عليها من الدعاوى في إثبات الإجادة في الإرادة، حيث
قال:
وَلَمَّا أَتَى ذِكْرُ الْخُلُودِ بِنَارِهِ ... عَلَى جُودِهِ فِي ذِكْرِهِ وَالْجَوَازِمِ
تَعَاظَمَ شَأْنَ الْخُلْدِ فِي النَّارِ كُلُّ مَنْ ... تَفَكَّرَ فِي أَسْمَاءِ رَبِّ الْعَوَالِمِ (?)
يشير إلى ما قاله ابن تيمية من:
أن صفاته تعالى من الرضا والرحمة صفتان ذاتيتان، فلا منتهى لرضاه،
وأن سخطه وعذابه ليسا من صفات ذاته التي يستحيل انعكافه عنها، كعلمه
وحياته، والعفو أحب إليه من الانتقام، والرحمة أحب إليه من العقوبة،
والرضى أحب إليه من الغضب، والفضل أحب إليه من العدل، ثم إن النعيم
والثواب من مقتضى رحمته ومغفرته وبِرّه وكرمه، ولذلك يُضيف ما ذكر إلى
نفسه، وأما العذاب والعقاب فإنهما من مخلوقاته، ولذلك لا يسمى بالمعذِّب،