ذلك في صفة عذاب الآخرة، فإنه قد ثبت بنص القرآن أنهم لابثون فيها

أحقابًا، والحقب -كما ذكره ابن تيمية في هذه المسألة- خمسون ألف سنة

قال: أخرجه الطبراني من حديث أبي أمامة مرفوعًا (?)، والأحقاب جَمْع (?)،

وأقله ثلاثة؛ يعني: مائة ألف سنة وخمسين ألف سنة.

هذا: وقد وَرَدَ في أهل الجنة: {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ

فَاكِهُونَ (55)} [يس: 55]، وهذا تقييد لنعيمهم وكونهم فاكهين، والفاكه: المتنعم

المتلذذ، ومعلوم أنهم في شُغُل فاكهون أبد الآباد، وقال تعالى: {يَاعِبَادِ لَا

خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68)} [الزخرف: 68]، فإن قيل: أراد به مبدء

زوال الخوف والحزن.

قلنا: كذلك {عَذَابَ يَوْمٍ} أريد به مبدأه، وحينئذ فلا دليل بالتقييد مطلق

الزمان، فمن أيام الآخرة ليس لها قَيْد به من نعيم ولا عذاب، بل أُريد به مطلق

الزمان، فإن أيام الآخرة ليس لها مقدار، فمتى أطلق اليوم أطلقه على مطلق

المدة: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (35)} [المرسلات: 35]، {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ} [الصافات:

21]، {هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 103]، {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى

أَفْوَاهِهِمْ} [يس: 65]، {إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا} [المؤمنون: 111]، {وَإِنَّ يَوْمًا

عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47]، {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ

سَنَةٍ} [المعارج: 4]، فليس المراد من الجميع: اليوم المعروف للمقدار المذكور

قطعًا، ومن إطلاقه على مطلق المدة قوله في قصة عاد: {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ

يَوْمٍ عَظِيمٍ (135)} [الشعراء: 135]، ثم يبيّنه في (الحاقة) بقوله: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا

بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6)} إلى قوله: {وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا} [6، 7]، فهذا تفسير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015