ثم أخذ شيخ الإسلام يستدل بأحاديث: "آخر الناس خروجًا من النار"،
وأحاديث: "أدنى الناس منزلة في الجنة"، وهي أحاديث واضحة في عصاة
الموحدين، ولا حاجة إلى سردها فهي معروفة في محالها (?).
ثم قال مستدلًّا على مدعاه: أنه تعالى يُخبر عن العذاب أنه: {عَذَابُ
يَوْمٍ عَقِيمٍ} [الحج: 55]، و {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأحقاف: 21]، و {عَذَابِ يَوْمٍ
أَلِيمٍ} [الزخرف: 65]، ولا يُخبر عن النعيم أنه نعيم يوم ولا في موضع واحد.
وأقول: وَرَدَ {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} في قصة صالح في قوله لقومه: {وَلَا
تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156)} [الشعراء: 156] والمراد به اليوم الذي
أخَذهم فيه العذاب بالدنيا، وهو العقاب القريب الذي أوعدهم به في قوله:
{وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ} [هود: 64] (137) قال تعالى: {فَلَمَّا
جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا} إلى قوله: {وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ} [هود: 66]؛ أي: يوم
أخذهم العذاب العظيم القريب فهو يوم من أيام الدنيا. وورد: {عَذَابَ يَوْمٍ
عَظِيمٍ} في قصة شعيب: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ
عَظِيمٍ (189)} [الشعراء: 189]، وورد: {عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} فى قوله تعالى:
{وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ} الآية إلى قوله: {أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ
عَقِيمٍ} [الحج: 55]، وفُسّر بيوم بدر كما أخرجه ابن مردويه والضياء في
"المختارة" عن ابن عباس (?)، وأخرجه أيضًا ابن مردويه عن أبي بن كعب.
وأخرجه عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير،
وأخرجه ابن أبي حاتم عن عكرمة، فهذه كلها من أيام الدنيا، وَهَبْ أنه ورد