من حديث أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يؤتى يوم القيامة بصحف مختمة،

فتنتصب بين يدي الله، فيقول: ألقوا هذه، واقبلوا هذه، فتقول الملائكة:

وعزتك ما كتبنا إلا ما عمل، فيقول الله: إن هذا كان لغير وجهي، وأنا لا أقبل

اليوم إلا ما ابتغي به وجهي" (?).

وهذا الحديث فيه الإخبار بأن الملائكة قالت: "لم نذر فيها خيرًا"؛ أي:

أحدًا فيه خير، والمراد: ما علموه بإعلام الله، ويجوز أن يقال: لم يُعْلمهم

بكل من في قلبه خير، وأنه بقي من أخرجهم بقبضته، ويدل له أن لفظ

الحديث: "أنه أخرج بالقبضة من لم يعملوا خيرًا قط"، فنفى العمل، ولم ينف

الاعتقاد، وفي حديث الشفاعة تصريح بإخراج قوم لم يعملوا خيرًا قط، ويفيد

مفهومه أن في قلوبهم خيرًا، ثم سياق الحديث يدل على أنه أُريدَ بهم أهل

التوحيد؛ لأنه تعالى ذكر الشفاعة للملائكة، والأنبياء، والمؤمنين، ومعلوم أن

هؤلاء يشفعون بعصاة أهل التوحيد، فإنه لا يقول ابن تيمية ولا غيره: إنه يشفع

للكفار بقرائن القبض التي قبضها الرب في عصاة الموحدين، والأَلْيق بالسياق

أنها أيضًا فيهم (?).

وقد أخرج البيهقي في الشفاعة من حديث جابر مرفوعًا، وفيه: "اذهبوا

فمن وجدتم في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجوا -إلى أن قال- ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015