لكل من دخل النار، والدليل خاص ببعض بني آدم، وإنما قلناه: إن ساعدناه؛
لأنه قد ثبت في الأحاديث أن الكفار لم تشملهم الفطرة، والإقرار بالربوبية في
عالم الذر لم يكن إلا كرهًا، فليس لهم حظ من فطرة الله التي فطر الناس
عليها، كما أخرجه أحمد، والبخاريّ، ومسلم، من حديث أنس، قال: قال
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ما
في الأرض أكنت مفتديًا به؟ فيقول: نعم، فيقول: قد أردت منك أهون من
ذلك، قد أخذت عليك في ظهر أبيك آدم أن لا تشرك بي شيئًا، فأبَيْت إلا أن
تشرك بي" (?)، والتعقيب بالفاء يشعر بأن الإباء كان عند أخذ الميثاق عليه،
وهو في ظهر أبيه أن لا يشرك في الدنيا، ويوضح ذلك ما أخرج ابن عبد البر
في "التمهيد" من طريق السديّ عن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مُرّة
الْهَمْداني، عن ابن مسعود، وناس من الصحابة في الآية: أن الله مسح صفحة
ظهر آدم، فأخرج فيها ذرية بيضاء، مثل اللؤلؤ، كهيئة الذرّ، ومسح صفحة
ظهره اليسرى، فأخرج منها ذرية سوداء، كهيئة الذرّ، فذلك قوله: {وَأَصْحَابُ
الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27)} [الواقعة: 27]، {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41)} [الواقعة: 41] ثم أخذ الميثاق، فقال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172]،
فأعطاها طائفة طائعين، وطائفة كارهين -على وجه التقية- إلى أن قال: وذلك
قوله تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران:
83]، وهذا المعنى كثير في الأحاديث.
ومنه حديث الغلام الذي قتله الخضر، أخرج مسلم، وأبو داود،
والترمذيّ، وعبد الله بن أحمد في "زوائد المسند"، وابن مردويه، عن أبي بن
كعب، عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "الغلام الذي قتله الخضر طُبع يوم طُبع كافرًا، ولو أدرك
لأرهق أبويه طغيانًا وكفرًا".
وأخرج سعيد بن منصور، وابن مردويه، عن ابن عباس مثله.
نعم، أحاديث: "كل مولود يولد على الفطرة، وإنما أبواه يهودانه،