وأقول: هذا ليس من محل النزاع، فهذا مؤمن بالله، عالم بأن الله يعذب
من عصاه، وقد وقع من خوفه وخشية أمْره بتحريقه، ففي قلبه خير، وإن لم
يعمل خيراً قط، ولذلك الخير أدركته رحمة الله.
واستدل أيضاً على مدعاه بما أخرجه أحمد في "مسنده" من حديث
الأسود بن سَرِيع مرفوعاً: "يأتي أربعة يوم القيامة: رجل أصم، لا يسمع شيئاً،
ورجل أحمق، ورجل هَرِم، ورجل مات في فترة، أما الأصم فيقول: رب قد
جاء الإسلام، وما أسمع شيئاً، وأما الأحمق فيقول: رب جاء الإسلام،
والصبيان يحذفوني بالبعر، وأما الهَرِم فيقول: رب جاء الإسلام وما أعقل
شيئاً، وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني من رسول، فيأخذ
مواثيقهم ليطيعنّه، فيرسل عليهم ليدخلوا النار، قال: فوالذي نفسي بيده لو
دخلوها لكانت عليهم برداً وسلاماً" (?).
وأقول: ليس الحديث أيضاً في محل النزاع؛ إذ هو في فناء النار ودخول
أهلها الجنة، وهؤلاء الثلاثة الأولون ليسوا بمشركين، فإنهم كانوا في دار الدنيا
غير مكلفين، فلم يتحقق منهم أنهم كانوا مشركين، وليسوا ممن دخل النار، ثم