المُحكَم، وقد حكم الله بخلود أهل النار في النار، وتواترت الأحاديث بإخراج

عصاة الموحدين، وقد ورد الاستثناء، فلا ندري ما أراد الله هل بإخراج

العصاة (?) من الموحدين كما قال جماهير أهل السُّنَّة، وهو المروي عن ابن

عباس، كما أسلفناه عنه، أو هو قريب، أو هو عين المراد، أو أراد به أمراً

استأثر الله بعلمه، فنقول: {آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7]، وقد أخرج

عبد الرزاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله تعالى: {إِلَّا مَا

شَاءَ رَبُّكَ} فإن الله أعلم ثنيته (?) على ما وقعت، وأخرج ابن جرير عن ابن زيد

قال: قد أخبرنا الله بالذي شاء لأهل الجنة، فقال: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}، ولم

يخبرنا بالذي شاء لأهل النار، وأخرج ابن المنذر عن أبي وائل، أنه كان إذا

سئل عن الشيء في القرآن قال: قد أصاب الله به الذي أراده.

هذا: وإذا عرفت ما ألقينا عليك عرفت أنه لم يتمّ ما ادّعاه ابن تيمية في

الآية، وأنه أريد بالاستثناء فناء أهل النار، فإنه قول في الآية بلا دليل، ولا قال

به من السلف أحد، ولا من الخلف، وأنه ليس في يد شيخ الإسلام شيء، لا

من كتاب، ولا من سُنَّة، ولا من صحابيّ، كما قررناه، فليس في يديه إلا دعوى

بغير برهان، لا يقول فيها دون دق الشأن (?)، ولا يعتمد عليها أهل الإتقان،

وعرفت أنه ما صفا قول قائل في الاستثناء في آية أهل النار عن كَدَر الإشكال،

وأن الأقوال فيه كلها آراء محضة، إلا القول بأنه أريد به عصاة الموحدين، فإنه

قول قويم، قد قاله بحر الأئمة، وحبرها المدعوّ له بتعليم التأويل ابن عباس - رضي الله عنهما -،

كما أسلفناه، ودلت عليه أدلة أثرية، وقرائن قرآنية، فالقول به قويم، ولا يدخل

تحت التفسير بالرأي الذي ورد الوعيد على "من قال في القرآن برأيه" (?)، فلا

يقال: إنه يتعين الوقف عن ذلك الخوض والإيمان بما أراده الله، وردّ علمه إليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015