أجلّ وأكبر، وهو رضوان الله - عَزَّوَجَلَّ - وبقاؤه لا على أن فيهم بعضاً يخرج. انتهى.

ولا يخفى أن كلامه في الاستثناء الثاني هو كلام صاحب "الكشاف"

بعينه، وأنه يَرِد عليه ما أورده صاحب "الإتحاف" وقد سبق لنا ردّه كما عرفت،

وهكذا يَرِد عليه ما أورده صاحب "الكشاف" كما سبق قريباً أيضاً، فالأحسن أن

يقال: إن الاستثناء في آية الجنة من باب: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} تقييد

بالمحال، وأن من دخل الجنة لا يخرج منها أبداً، بدليل الاجتماع المعلوم

ضر ورة من الدين، وبدليس قوله تعالى: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}، وفي آية أهل النار

محمول على ما ذكر من خروج الموحدين، ولا يقال: إن هذا يوجب اختلافاً

في نَظْم الكلام، حيث عُدل بالاستثناء الثاني عما حُمل عليه الاستثناء الأول،

مع أنهما سيقا مساقاً واحداً؛ لأنا نقول: قد دفع الشريف هذا الإيراد؛ لأنه

ورد ما (?) وينهي إليه بقوله: الأول محمول على الظاهر، وقد عدل بالثاني عنه

بقرينة واضحة مما ذكرنا، فلا إشكال، ولا اختلاف.

إذا عرفت حقيقة هذه الأقوال التي حققها الاستدلال، وأساطين

المفسرين، وعيون العيون من المحققين، عرفت أن آية الاستثناء كما قال

صاحب "الكشاف" من المعضلات، وقد اختلفت فيه كما رأيت أذهان

المحققين الأثبات، وقد سبق قول ابن القيم في آية الاستثناء في أهل الجنة: إنه

على كل تقدير أن الاستثناء فيه من المتشابه، وأن المحكم قوله تعالى: {عَطَاءً

غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: 108]، و {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا} [الرعد: 35]، وآيات الخلود

التي وردت في الكتاب العزيز، فلك أن تقول بغير هذا القول في آية الاستثناء

في أهل النار: إنه من المتشابه، وإن المحكم: {خَالِدِينَ فِيهَا} [آل عمران: 15]،

{وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [الحجر: 48]، والآيات المصرحة بخلود أهل النار في

القرآن كثيرة جدّاً، وسيأتي عدّ بعضها، فيُرَدّ المتشابه، وهي آية الاستثناء إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015