قلت: هذا الوجه أحد وجهين ذكرهما جار الله في "الكشاف" في آية

"الأنعام"، فقال:

أو يكون - يريد الاستثناء - من قوله الموتور الذي ظفر بواتره، ولم يزل

يحرق عليه أنيابه، وقد طلب منه أن ينفس عن خناقه: أهلكني الله إن نفست

عنك، إلا إذا شئت، وقد عُلم أنه لا يشاء إلا التشفي منه بأقصى ما يقدر

عليه، من التعنيف، والتشديد، فيكون قوله: إلا إذا شئت من أشد الوعيد، مع

تهكم بالتوعد في خروجه في صورة الاستثناء الذي فيه إطماع. انتهى.

واختار هذا الوجه صاحب "الإتحاف" (?)، والصفويّ (?).

وهو مرويّ عن ابن عباس، أخرجه البيهقيّ في "البعث والنشور"، فقال:

قد شاء ربك أن يجعل هؤلاء في النار، وهؤلاء في الجنة.

قلت: إلا أنه يختلف صاحب "الكشاف" وصاحب "الإتحاف" في عصاة

الموحدين، فصاحب "الكشاف" يجعلهم داخلين في الذين شقوا؛ لأن أصله

أنهم لا يخرجون من النار، وصاحب "الإتحاف"، والصفوي يجعلانهم داخلين

في الذين سعدوا؛ لقيام الأدلة عندهم بخروجهم من النار.

هذا: وقد تعقب ابن الخطيب الرازي في "مفاتيح الغيب" هذا الوجه،

فقال:

وهذا ضعيف؛ لأن قوله: لأضربنك إلا أن أرى غير ذلك، معناه:

لأضربنك إلا إن رأيت أن أترك الضرب، وهذا لا يدل على أن هذه الرؤية

حصلت أم لا، بخلاف قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ}

طور بواسطة نورين ميديا © 2015