فَقَالَ: "يَا عَائِشَةُ، أَفَلَا أَكُونُ (?) عَبْدًا شَكُورًا").
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الإسناد نفسه تقدّم قبل باب، غير واحد،
وهو:
1 - (هَارُون بْنُ مَعْرُوفٍ) المروزيّ، أبو عليّ الخزاز الضرير، نزيل
بغداد، ثقةٌ [10] (ت 231) وله أربع وسبعون سنةً (خ م د) تقدم في "الإيمان"
63/ 350.
شرح الحديث:
(عَنْ عَائِشَةَ) -رضي الله عنها-؛ أنها (قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا صَلَّى قَامَ، حَتَّى
تَفَطَّرَ) على وزن تفعّل بالتشديد بتاء واحدة، وهو على صيغة الماضي، فتكون
الراء مفتوحة، وفي رواية الأصيليّ: "تتفطر" بتاءين، وقد يأتي فيما كان بتاءين
حُذف إحداهما، كما في قوله: {نَارًا تَلَظَّى} أصله تتلظى، بتاءين، فلم تُحذف
ههنا فعلى هذا تكون الراء مضمومة، وعلى الأصل رواية الأصيليّ، وقوله:
(رِجْلَاهُ) مرفوع؛ لأنه فاعل "تفطر". (قَالَتْ عَائِشَةُ) -رضي الله عنها-: (يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَصْنَعُ
هَذَا)؛ أي: التكلّف في العبادة حتى تفطّر رجلاك، (وَ) الحال أنه (قَدْ غُفِرَ)
بالبناء للمفعول؛ أي: غفر الله تعالى (لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ، وَمَا تَأَخَّرَ؟ ) معناه:
أنه لو وقع لوقع مغفورًا، ففيه بشرى على أنه سبحانه وتعالى يعصمه من اقتراف الذنوب،
(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("يَا عَائِشَةُ، أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا") قال في "العمدة": الفاء فيه
للسببية، ففيه بيان أن الشكر سبب للمغفرة، والتهجد هو الشكر، فلا يتركه.
انتهى (?).
وفي رواية للبخاريّ: "أفلا أُحِبّ أن أكون عبدًا شكورًا"، وزادت فيه:
"فلما كثر لحمه صلى جالسًا، فإذا أراد أن يركع قام، فقرأ، ثمّ ركع".
وقال المناويّ رحمه اللهُ: قوله: "أفلا أكون عبدًا شكورًا" هذا استفهام على
طريق الإشفاق، قيل: وهو أَولى مِن جَعْله للإنكار بلا شقاق؛ أي: إذا أكرمني
مولاي بغفرانه، أفلا أكون شكورًا لإحسانه، أو أنه عطف على محذوف؛ أي: