وما تأخر"، ولك أن تقول: دلّ قوله: "وما تأخر" على انتفاء الذنب؛ لأن ما
لم يقع إلى الآن لا يسمى ذنبًا في الخارج، وأراد الله تأمينه بذلك؛ لشدة خوفه
حيث قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "إني لأعلمكم بالله، وأشدكم له خشية"، فأراد: لو وقع
منك ذنب لكان مغفورًا، ولا يلزم من فرض ذلك وقوعه، والله تعالى أعلم (?).
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال:
[7099] ( ... ) - (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ، عَنْ زِيادِ بْنِ عِلَاقَةَ، سَمِعَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ يَقُولُ: قَامَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى
وَرِمَتْ قَدَمَاهُ، قَالُوا: قَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ، وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ: "أَفَلَا
أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
وكلّهم ذُكروا في الباب وقبله، و"ابن نمير" هو: محمد بن عبد الله بن
نُمير، و"سفيان" هو ابن عيينة، ومن لطائف الإسناد أنه من رباعيّات
المصنّف رحمه اللهُ، كسابقه، وهو (432) من رباعيّات الكتاب.
وقوله: (حَتَّى وَرِمَتْ قَدَمَاهُ) قال ابن الأثير رحمه الله؛ أي: انتفخت من طول
قيامه -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الليل، يقال: وَرِمَ يَرِمُ، والقياس يَورَمُ، وهو أحد ما جاء
على هذا البناء. انتهى (?).
وفي رواية: "حتى تفطَّرت رجلاه" معنى تفطرت: تشققت، قالوا: ومنه
فطَّر الصائم، وأفطره؛ لأنه خَرَق صومه، وشقه.
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، ولله الحمد والمنّة.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّلَ الكتاب قال:
[7100] (2820) - (حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، وَهَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ،
قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ،
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا صَلَّى قَامَ، حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلَاهُ، قَالَتْ
عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَصْنَعُ هَذَا، وَقَدْ غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ، وَمَا تَأَخَّرَ؟