قال مقاتل: أخبر عنه بأنه فاجرٌ خاطئٌ، فقال: ناصية كاذبة خاطئة،
تأويلها: صاحبها كاذبٌ خاطئ.
{فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)} {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17)}، أي: أهل
ناديه، والنادي: المجلس الذي يجلس فيه القوم، ويجتمعون فيه من الأهل
والعشيرة. والمعنى: لِيَدْع عشيرته وأهله، لِيُعِينُوه وينصروه، ومنه قول الشاعر
[من الكامل]:
وَاسْتَبَّ بَعْدَكَ يَا كُلَيْبُ الْمَجْلِسُ
أي: أهله. قيل: إن أبا جهل قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتهدّدني، وأنا أكثر
الوادي نادياً؛ فنزلت: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)} [العلق: 17، 18]،
أي: الملائكة الغلاظ الشداد، كذا قال الزجاج. قال الكسائي، والأخفش،
وعيسى بن عمر: واحدهم زابن. وقال أبو عبيدة: زبنية. وقيل: زباني. وقيل:
هو اسم للجمع، لا واحد له من لفظه، كعباديد، وأبابيل. وقال قتادة: هم
الشُّرَط في كلام العرب، وأصل الزبن: الدفع، ومنه قول الشاعر [من الطويل]:
وَمُسْتَعْجِب مِمَّا يَرَى مِنْ أَنَاتِنَا ... وَلَوْ زَبَنَتْهُ الْحَرْبُ لَمْ يَتَرَمْرَمِ
والعرب تطلق هذا الاسم على من اشتدّ بطشه، ومنه قول الشاعر [من الطويل]:
مَطَاعِيمُ فِي الْقُصوَى مَطَاعِينُ فِي الْوَغَى ... زَبَانِيَة غُلْبٌ عِظَامٌ حُلُومُهَا
وقرأ الجمهور: {سَنَدْعُ} بالنون، ولم ترسم الواو، كما في قوله: {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ} [القمر: 6]، وقرأ ابن أبي عبلة: (سَيُدعَى) على البناء للمفعول،
ورفع الزبانية على النيابة.
ثم كرّر الردع والزجر فقال: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ}، أي: لا تطعه فيما دعاك
إليه من ترك الصلاة.
وقوله تعالى: {وَاسْجُدْ}؛ أي: صلّ لله غير مكترث به، ولا مبال بنهيه: {وَاقْتَرِبْ} أي: تقرّب إليه سبحانه بالطاعة والعبادة. وقيل: المعنى: إذا
سجدت اقترب من الله بالدعاء. وقال زيد بن أسلم: واسجد أنت يا محمد،
واقترب أنت يا أبا جهل من النار، والأوّل أَولى.
والسجود هذا الظاهر أن المراد به الصلاة، وقيل: سجود التلاوة، ويدلّ
على هذا ما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - من السجود عند تلاوة هذه الآية، والله تعالى أعلم.