وقوله: (زَادَ عُبَيْذ اللهِ)؛ يعني: شيخه الأول، عبيد الله بن معاذ العنبريّ،
(فِي حَدِيثِهِ)؛ أي: في روايته لهذا الحديث، (قَالَ) أبو هريرة (وَأَمَرَهُ)؛ أي:
أمر الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- نبيّه - صلى الله عليه وسلم - (بِمَا أَمَرَهُ)؛ أي: بقوله: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}، وهذا تأكيد
لِمَا سبق.
ويَحْتَمل أن يكون المراد توضيحاً لقوله تعالى: {أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12)} أي: أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - أبا جهل بما أمره به من تقوى الله تعالى.
وقوله: (وَزَادَ ابْن عَبْدِ الأَعْلَى)، أي: شيخه الثاني محمد بن عبد الأعلى
الصنعانيّ تفسيراً لقوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17)}؛ يَعْئِي: قَوْمَهُ)؛ أي: أهل
ناديه، والنادي: المجلس، كما مرّ آنفاً، والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: ينبغي أن نزيد على هذا تفسير الآيات الخمس التي في أول
السورة؛ ليتم فهم معنى السورة، فنقول:
قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} [العلق: 1 - 5].
قرأ الجمهور: {اقْرَأْ} بسكون الهمزة أمراً من القراءة. وقرأ عاصم في
رواية عنه بفتح الراء، وكأنه قلب الهمزة ألفاً ثم حذفها للأمر. والأمر بالقراءة
يقتضي مقروءاً، فالتقدير: اقرأ ما يوحى إليك، أو ما نزل عليك، أو ما أمرت
بمَراءته، وقوله: {بِاسْمِ رَبِّكَ} متعلق بمحذوف هو حالط، أي: اقرأ ملتبساً
باسم ربك، أو مبتدئاً باسم ربك، أو مفتتِحاً، ويجوز أن تكون الباء زائدة،
والتقدير: اقرأ اسم ربك كقول الشاعر [من البسيط]:
سُودُ الْمَحَاجِرِ لَا يَقْرَأْنَ بِالسُّوَرِ
قاله أبو عبيدة. وقال أيضاً: الاسم صلة؛ أي: اذكر ربك. وقيل: الباء
بمعنى على؛ أي: اقرأ على اسم ربك، يقال: افعل كذا بسم الله، وعلى
اسم الله قاله الأخفش. وقيل: الباء للاستعانة؛ أي: مستعيناً باسم ربك،
ووصف الربّ بقوله: {الَّذِي خَلَقَ} لتذكير النعمة، لأن الخلق هو أعظم النعم،
وعليه يترتب سائر النعم. قال الكلبيّ: يعني: الخلائق. {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)}؛ يعني: بني آدم. والعلقة: الدم الجامد، وإذا جرى فهو المسفوح.
وقال: {مِنْ عَلَقٍ} بجمع علق، لأن المراد بالإنسان الجنس. والمعنى: خلق