[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد أنه من خماسيّات المصنّف رحمه الله، وأنه

مسلسل بالتحديث من أوله إلى آخره، وأن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، ورواية

الابن عن أبيه.

شرح الحديث:

عن إِيَاس بن سلمة، أنه قال: (حَدَّثَنِي أَبِي) سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- (قَالَ:

عُدْنَا) بضمّ العين، يقال: عُدت المريض أعوده، من باب قال عيادةً: إذا زرته،

فالرجل عائد، وجَمْعه عُوّاد، وعُوّدٌ، والمرأة عائدة، وجَمْعها عُوّد، فقط، قال

في "الخلاصة":

وَفُعَّلٌ لِفَاعِلٍ وَفَاعِلَهْ ... وَصْفَيْنِ نَحْوُ عَاذِلٍ وَعَاذِلَهْ

وَمِثْلُهُ الْفُعَّالُ فِيمَا ذُكِّرَا ... وَذَانِ فِي الْمُعَلِّ لَامًا نَدَرَا

(مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلًا) لم يُعرف اسمه، (مَوْعُوكًا)؛ أي: مصاب بشدّة

ألم الْحُمَّى، قال المرتضى ما حاصله: الوَعْكُ بفَتْحِ، فسكون، وأَجازَ بعضُهم

فَتْحَ العين، قِيلَ: لمَكانِ حَرفِ الحَلْقِ، وهي لُغَةٌ مَشْهورة: سُكُونُ الريحِ، وشِدَّةُ

الحرّ، هذا هو الأَصْلُ في الوَعْكِ، كما قالَهُ ابنُ دُرَيْد، والرّاغِبُ؛ كالْوَعْكَةِ،

وقد سُمّيَ أَذَى الحُمَّى، وقِيل: وَجَعُها، وقِيلَ: مَغْثُها في البَدَنِ: وَعْكًا بهذا

الاعْتِبارِ، وقد وَعَكَتْهُ الحُمَّى وَعْكًا، ووُعِكَ، فهو مَوْعُوكٌ، وقِيلَ: الوَعك: أَلَمٌ

مِنْ شِدَّةِ التَّعَب، وقد يُرادُ بهِ المَرَضُ الخَفِيفُ مُطْلَقًا، وقالَ الحافظ أَبو عُمَرو بنُ

عبد البرّ: الوَعْكُ لا يَكُونُ إِلا من الحُمَّى، دُونَ سائِرِ الأمْراضِ، ورَجُلٌ وَعْكٌ

تَسمِيَةٌ بالمَصْدَرِ، ووَعِكٌ، ككَتِف، ووُعِكَ فهو مَوْعوكٌ: مَحْمُومٌ، ووَعَكَهُ،

كوَعَدهُ وَعْكًا: دكَّه دَكًّا، وهو مَجازٌ. انتهى كلام المرتضى (?).

(قَالَ) سلمة -رضي الله عنه-: (فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَيْهِ)؛ أي: على ذلك الموعوك (فَقُلْتُ:

والله مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْم رَجُلًا أَشَدَّ حَرًّا) منصوب على التمييز، (فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-:

"أَلَا أُخْبِرُكُمْ) "ألا" أَداة عرض، وتحضيض؛ كقوله تعالى: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ

لَكُمْ} [النور: 22] (بِأَشَدَّ حَرًّا مِنْهُ)؛ أي: بالشخص الذي يكون أشدّ حرارة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015