من حرارة هذا الرجل، وفي بعض النسخ: "بأشدّ حرّ منه"، بإضافة "أشدّ" إلى
"حرّ"، (يَوْمَ الْقِيَامَةِ) متعلّق بـ "أشدّ"، (هَذَيْنِكَ) قال القرطبيّ رحمه الله: الرواية
بخفض "هذينك" على البدل من "أشدّ"، وهو من إبدال المعرفة من النكرة، وما
بعد "هذينك" نعوت له. (الرَّجُلَيْنِ الرَّاكبَيْنِ الْمُقَفِّيَيْنِ")؛ أي: المولّيين أقفيتهما
منصرفين، أو الجاعلين ظهورهما واليةً لنا؛ لاستدبارهما لنا (?).
وقوله: (لِرَجُلَيْنِ) هذه اللام كاللام في قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا
لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} [الأحقاف: 11]، وقد اختُلف فيها، فقال
ابن الحاجب: هي بمعنى "عن"، وقال ابن مالك وغيره: هي لام التعليل،
وقيل: هي لام التبليغ، ذكره ابن هشام رحمه الله (?). (حِينَئِذٍ)؛ أي: وقت قوله -صلى الله عليه وسلم-
هذا الكلام، وقوله: (مِنْ أَصْحَابِهِ) قال النوويّ رحمه الله: سمّاهما من أصحابه؛
لإظهارهما الإسلام، والصحبة، لا أنهما ممن نالته فضيلة الصحبة. انتهى (?).
وقال القرطبيّ رحمه الله: إنما نَسَبهما الراوي لأصحاب النبيّ -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنَّهما
كانا في غمارهم، ودخلا بحكم ظاهرهما في دينهم، والعليم الخبير يَعلم ما
تُجنّه الصدور، وما يَختلج في الضمير، فأعلم الله تعالى نبيّه -صلى الله عليه وسلم- بخبث
بواطنهما، وبسوء عاقبتهما، فارتفع اسم الصحبة، وصِدق اسم العداوة
والبغضاء. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث سلمة بن عمرو بن الأكوع -رضي الله عنه- هذا من أفراد
المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [1/ 7016] (2783)، و (الطبرانيّ) في "الكبير"
(6248)، و (الحاكم) في "المستدرك" (4/ 651)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (8/
198)، والله تعالى أعلم.