قال الجامع عفا الله عنه: خلاصة ما أشار إليه الدارقطنيّ رحمه الله أنه يرى

ترجيح رواية الأعمش عن عمارة بن عُمير، عن وهب بن ربيعة، عن ابن

مسعود -رضي الله عنه-، وهي التي اختارها مسلم رحمه الله في هذا الباب، وكذا رجح أبو

زرعة الرازيّ، فقد نقل ذلك عنه ابن أبي حاتم في "العلل"، وعبارته فيها:

(1791) - سئل عن الأعمش، عن عمارة عبد الله بن مسعود قال: إني لمستتر

إلخ، ثم قال: ورواه أبو معاوية، وعليّ بن مسهر، وابن أبي زائدة، عن

الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: قال عبد الله،

وذكر الحديث.

قال أبو زرعة: كان الأعمش قديمًا قال: عن وهب بن ربيعة، والثوريّ

أحفظهم كلّهم. انتهى (?).

والحاصل: أن رواية مسلم من طريق الأعمش صحيحة (?).

[فإن قيل]: كيف أخرج مسلم لوهب بن ربيعة، وهو مجهول العين، إذ

لم يرو عنه إلا عمارة بن عمير، ولم يوثّقه إلا ابن حبّان؟ .

[قلت]: إنما أخرج له مسلم متابعةً لرواية أبي معمر السابقة، ومعلوم أن

المتابعة يُغتفر فيها ما لا يُغتفر في الأصول، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: أما رواية وهب بن ربيعة، عن ابن مسعود -رضي الله عنه- هذه فقد ساقها

ابن حبّان رحمه الله في "صحيحه"، فقال:

(391) - أخبرنا أبو خليفة، قال: حدّثنا محمد بن كثير، قال: أخبرنا

سفيان، عن الأعمش، عن عُمارة بن عمير، عن وهب هو ابن ربيعة، عن ابن

مسعود، قال: إني لمستتر بأستار الكعبة، إذ جاء ثلاثة نفر: ثقفيّ، وخَتَناه،

قرشيان، كثير شحم بطونهم، قليل فقههم، فتحدثوا الحديث بينهم، فقال

أحدهم: أترى الله يسمع ما قلنا؟ وقال الآخر: إذا رفعنا سمع، وإذا خفضنا لم

يسمع، وقال الآخر: إن كان يسمع إذا رفعنا، فإنه يسمع إذا خفضنا، فأتيت

النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فذكرت ذلك له، فأنزل الله: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015